منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٥٢٣
الاستحباب وهو البلوغ مطلق سواء كان المبلغ له واجدا لشرائط حجية الخبر أم لا.
وبالجملة: فعلى هذا الوجه أعني الارشاد إلى ترتب الاجر على العمل لا وجه لدعوى عدم اعتبار شرائط حجية الخبر في المستحبات تمسكا بإطلاق البلوغ، بل تفرع العمل على البلوغ واستناده إليه كما هو مقتضى الفاء ظاهر في حجية الخبر المبلغ للثواب لئلا يلزم التشريع المحرم وهو الاستناد إلى غير الحجة، فتأمل.
وقيل: ان ظاهر أخبار الباب ما هو المشهور عند الأصحاب من حجية الخبر الضعيف في المستحبات، وهذا الاستظهار منوط بإرادة الانشاء من (عمله) و (صنعه) في صحيحة هشام وحسنته المتقدمتين، بأن يكون بمنزلة (فليعمله) و (ليصنعه) ليدل مطابقة على استحباب ذلك العمل، والتزاما على حجية الخبر المبلغ للثواب مطلقا وان لم يكن واجدا لشرائط الحجية، إذ لو كان البلوغ الذي هو موضوع الاستحباب مقيدا لكان على المولى ذكر قيده، لكونه في مقام البيان.
ففرق واضح بين الاطلاق في هذا الوجه وبينه في الوجه السابق في التمسك به هنا، لكونه في مقام البيان، بخلافه هناك، لعدم كونه في مقام البيان من هذه الجهة، بل بصدد بيان التفضل بإعطاء الاجر الموعود.
لكن فيه أولا: أن إرادة الانشاء من (فعمله) و (فصنعه) خلاف الظاهر جدا، وان كان استعمال الجملة الخبرية في مقام الانشاء شائعا، لكن الفاء في (فعمله) و (فصنعه) ظاهر في تفرع العمل على البلوغ كتفرع سائر المعاليل على عللها الغائية، ومعناه حينئذ انبعاث العمل عن الثواب البالغ المحتمل، وليس هذا إلا