منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٤٠٧
وما قيل (1) من (أن الاقدام على ما لا تؤمن مفسدته كالاقدام على
____________________
(1) القائل شيخ الطائفة (قده) في عدة الأصول، وقد عرفت - عند بيان الأقوال الثلاثة في مسألة الحظر والإباحة - أنه استدل بقبح الاقدام على ما لا تؤمن مفسدته - على أن الأشياء على الوقف دون الحظر أو الإباحة. وغرض المصنف من التعرض لكلامه (قدهما) هنا بقوله: (وما قيل. إلخ) هو دفع توهم عدم جريان البراءة العقلية التي تقدمت الإشارة إلى إمكان جريانها بقوله:
(لاحتمال أن يقال معه بالبراءة. إلخ) نظرا إلى كلام شيخ الطائفة.
تقريب توهم عدم جريانها: أن احتمال التكليف يلازم احتمال المصلحة أو المفسدة بناء على ما هو الحق من تبعية الاحكام للمصالح و المفاسد. وعليه فمخالفة محتمل الحرمة توجب احتمال الضرر الناشئ من الملاك وهو المفسدة، لأنها ضرر على المكلف، ودفع الضرر واجب، فيجب امتثال محتمل الحرمة، ولا تصل النوبة إلى قاعدة قبح العقاب، لان قاعدة دفع الضرر المحتمل واردة عليها كما تعرضنا له سابقا. وعليه فهذا التوهم مؤلف من صغرى وهي: (أن ارتكاب محتمل الحرمة لكونه محتمل المفسدة ضرر كارتكاب معلوم الحرمة) و كبرى وهي (أن كل ضرر يجب دفعه) فارتكاب محتمل الحرمة يجب دفعه، ولا يتحقق دفعه إلا بتركه فيجب، فالنتيجة: أن الاقدام على ارتكاب المشتبه حرام.

التشريع. وكذا سائر أقسام القبلية، فان شيئا منها من الطبعي والرتبي و العلي والشرفي وغيرها لا يناسب المقام، فلعل المراد حكم العقل في مسألة الحظر والإباحة مع الغض عن الشرع وان كان خلاف الظاهر.
وكيف كان فالمسألتان متغايرتان موضوعا وملاكا وأثرا ولا تتحدان، فلا يغني البحث في إحداهما عن البحث في الأخرى. مضافا إلى أن مسألة الحظر والإباحة من المسائل الخلافية فلا يصح الاستدلال بها على البراءة كما لا يخفى.
(٤٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 ... » »»
الفهرست