منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٤٧٧
منع جريان أصالة عدم التذكية واستصحابي الحرمة والطهارة. هذا ما تقتضيه القاعدة، لكن الاحتياط للدين يقتضي الاجتناب.
وأما مع عدم العلم الاجمالي بوجود المذكى في بلاد الكفر واحتمال وجوده فيها وعدمه، فمقتضى أصالة عدم التذكية نجاسة الجلود، و حرمة أكل اللحم والشحم ونجاستهما، والتفكيك بين الحرمة و النجاسة بالقول بالحرمة والطهارة في غير محله كما تقدم مفصلا.
وأما الألبان ومشتقاتها المجلوبة من بلاد الكفر كالدهن والزبد والجبن وغيرها، فمع احتمال أخذها من مأكول اللحم يحكم بطهارتها وحليتها، لقاعدتيهما الجاريتين في سائر الشبهات الموضوعية أيضا إلا مع العلم بأخذها من غير محلل الاكل، فيحرم حينئذ، أو العلم بمباشرة الكفار لها، فيحكم بنجاستها بناء على نجاستهم.
والحاصل: أنه مع احتمال الاخذ من الحيوان المحلل الاكل يحكم بحلية المجلوب وطهارته، من غير فرق في ذلك بين العلم الاجمالي باشتباه المذكى بغيره، أو المحلل الاكل بغيره، وبين عدم العلم بذلك، حيث إن حلية اللبن وما يصنع منه لا تتوقف على التذكية حتى يقال بجريان أصالة عدمها ويترتب عليها الحرمة والنجاسة.
نعم لو توقفت على التذكية كدهن السمك، فمع العلم الاجمالي بوجود السمك المذكى وغيره عند الكفار يحكم بطهارته وحليته، لقاعدتيهما، وعدم جريان أصالة عدم التذكية واستصحاب الحرمة، لما مر من العلم بالانتقاض. ومع عدم العلم الاجمالي بوجود المذكى عند الكفار يحكم بحرمته، لأصالة عدم التذكية، وطهارته، لعدم نجاسةميتة ما ليس له نفس سائلة.