منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٥٣٣
وفي الثاني: أن انحلال الكراهة إلى حكمين استحباب وكراهة خلاف التحقيق الذي ثبت في محله. ودعوى شمول العمل للترك كشموله للفعل كما ترى، فلا يصار إليه بلا دليل. والبلوغ وان كان أعم من الدلالة المطابقية والالتزامية لكن أعميته هنا منوطة بانحلال الكراهة إلى حكمين، وقد مرت الإشارة آنفا إلى عدمه.
وفي الثالث: أن الحجة هي القطع بالمناط، ودون تحصيله خرط القتاد، فان غاية ما يمكن تحصيله هو الظن بالمناط، إذ لا موجب للقطع بعدم دخل خصوصية الفعل وحمله على المثال، ومن المعلوم أن الظن لا يغني من الحق شيئا.
وكذا كون الغرض عدم التسوية بين الاحكام الالزامية وغيرها، فان تحصيل القطع بذلك مع قبح التشريع والافتراء كما ترى.
وبالجملة: فدعوى تنقيح المناط القطعي بكلا التقريبين المزبورين غير مسموعة وان اختار التقريب الثاني بعض أعاظم المحشين (قده) و لذا ذهب إلى مذهب المشهور من كون الكراهة كالاستحباب في ثبوتها بالخبر الضعيف، وجريان قاعدة التسامح فيها كجريانها في الاستحباب. لكن قد عرفت أنه لا مجال للقاعدة في المستحبات فضلا عن المكروهات.
الثالث: أن الظاهر شمول أخبار (من بلغ) للخبر الضعيف مطلقا وان كان موهوم الصدور فضلا عن مشكوكه، لاطلاق البلوغ المؤيد بما في بعض أخباره من (طلب قول النبي) و (التماس ذلك الثواب) و (رجاء ثوابه) الشامل لاحتمال الصدق، فما لم يعلم كذب الخبر يصدق عليه البلوغ. كما أن الظاهر شمول الثواب وهو النفع المستحق المقارن للتعظيم والاجلال لكل من الاجر