منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٣٨٣
وإشغال الذمة به.
فتلخص مما ذكرناه أمران:
الأول: أن الانحلال في جميع موارده حكمي إلا في العلم التفصيلي اللاحق المتعرض لتعيين المعلوم بالاجمال، دون العلم التفصيلي المقارن والسابق، لأنهما يمنعان عن حصول العلم الاجمالي.
الثاني: أن جعل البدل غير الانحلال، لان الانحلال يمنع عن تنجيز العلم الاجمالي وتأثيره في معلومه المطلق القابل للانطباق على كل واحد من أطرافه، ويثبت التكليف في طرف معين، وجعل البدل هو جعل المفرغ عما اشتغلت به الذمة، فالانحلال في مقام إثبات التكليف، وجعل البدل في مقام إسقاطه بعد الفراغ عن ثبوته. ولا يختص جعل البدل بالتكاليف الثابتة بالعلم الاجمالي، بل يجري في التكاليف الثابتة بالعلم التفصيلي أيضا كموارد الأصول الجارية في وادي الفراغ كما لا يخفى.
ثم انه بعد بيان بعض ما يتعلق بالانحلال يقع الكلام في تطبيقه على المقام فنقول وبه نستعين: لا ينبغي الاشكال في عدم تأثير العلم الاجمالي في تنجيز معلومه، بل هو منفي حقيقة بالالتفات إلى العلم بصدور روايات متضمنة لاحكام إلزامية بمقدار المعلوم بالاجمال، لانتفائه بعد عزل الروايات عن أطرافه حقيقة، بشهادة تبدل القضية المنفصلة المانعة الخلو اللازمة للعلم الاجمالي وتبدلها بقضيتين حمليتين إحداهما معلومة، والأخرى مشكوكة، إذ يصح أن يقال:
التكاليف في الروايات معلومة وفي غيرها من الامارات والوقائع المشتبهة مشكوكة، ولا يصح أن يقال: التكاليف إما في الروايات و إما في غيرها، فلو كانت منتشرة في