منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٢٣٣
فيها نهي كموارد الضرر، فان الماء إذا كان مضرا كانت الطهارة المائية منهيا عنها، والنهي يستدعي المبغوضية المنافية للمحبوبية المتوقفة عليها العبادة، فيقتضي الفساد، وليس فيه ما يقتضي الصحة من أمر أو ملاك.
وبالجملة: فالمعتبر في بقاء الملاك عدم ورود نهي في المورد، ولذا يفرق بين الضرر والحرج بصحة العبادة مع الثاني دون الأول.
المبحث السابع: أن المرفوع لما كان حكما شرعيا مترتبا على فعل المكلف بما هو فعله، حيث إن متعلقات الأحكام الشرعية هي أفعال المكلفين بما هي أفعالهم، فلا يصح أن يرفع بحديث الرفع الا الحكم المترتب على الفعل بما هو صادر عن المكلف، فلو لم يلاحظ في الأثر الشرعي ترتبه على فعل المكلف بهذه الحيثية، بل لو حظ ترتبه عليه بمطلق وجوده وان صدر عن غير مكلف بل غير إنسان لم يصح نفيه بحديث الرفع في حال أصلا، نظير ملاقاة جسم طاهر لنجس أو متنجس مع الرطوبة، فان الملاقاة مطلقا سواء كان موجدها مكلفا أم صبيا، بل حيوانا أو ريحا توجب النجاسة، وكذا خروج المني من البدن، والتقاء الختانين، وفوت الفرائض التي لها قضاء، فان الجنابة تترتب على الأولين من دون لحاظ كون الخروج والالتقاء فعل المكلف، فلو خرج المني حال النوم، أو حصل التقاء الختانين إكراها أو بفعل ثالث لم يصح أن يتمسك لعدم سببيتهما للحدث الأكبر بحديث الرفع، إذ لم يلاحظ في سببيتهما له فعل المكلف. وكذا لم يلاحظ في وجوب قضاء الصلاةوالصوم إلا الفوت وان لم يستند إلى فعل المكلف، فلو فات أداؤهما إكراها أو نسيانا أو حال النوم بدون سبق النية في الصوم وجب قضاؤهما، ولا يصح التشبث