منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٢٢٥
المبحث الخامس: أن الرفع فيما عدا (ما لا يعلمون) من الأمور التسعة واقعي وفيه ظاهري، إذ لو كان فيه واقعيا لزم التصويب، لإناطة الحكم حينئذ بالعلم به، وهو محال كما ثبت في محله، فلو جرت البراءة فيما لا يعلم ثم انكشف الخلاف. كان الاجتزاء به مبنيا على إجزاء الحكم الظاهري الذي هو أجنبي عن باب تبدل الموضوع كالحضر و السفر حتى يكون الاجزاء فيه مقتضى القاعدة، وحيث انه قد ثبت في محله عدم أجزاء الحكم الظاهري، فمقتضى القاعدة لزوم إعادة الصلاة فيما إذا صلى بلا سورة مثلا استنادا في نفي جزئيتها إلى أصالة البراءة، ثم انكشف الخلاف بنهوض دليل على جزئيتها، الا إذا قام دليل على الاجزاء كحديث (لا تعاد) بناء على جريانه في الجهل بالحكم. وهذا بخلاف ما إذا كان ترك جز أو شرط لأجل الاضطرار أو النسيان أو الاكراه، فان مقتضى واقعية الرفع فيها الاجزاء، لكون التقييد فيما عدا (ما لا يعلمون) واقعيا، فالمأتي به حينئذ هو تمام المأمور به، فالاجزاء فيها على طبق القاعدة، إذ لا يستند كون الفاقد تمام المأمور به إلى حديث الرفع حتى يقال: ان شأنه الرفع دون الوضع.
وذلك لان المستند فيه هو نفس أدلة الاجزاء بعد نفي جزئية المرفوع بحديث الرفع، كما لا ينافي ارتباطية المركب كون الباقي تمام المأمور به، ضرورة أن الارتباطية قيد للاجزاء، ومن المعلوم أن المرفوع خرج عن الجزئية، فلا موضوع لاعتبار الارتباطية بالنسبة إليه. وأما اعتبارها في غير المرفوع من سائر الأجزاء فهو باق على حاله.
نعم في اعتبار استيعاب الاضطرار ونحوه للوقت في الاجزاء وعدمه خلاف، قد يقال: بعدم اعتباره، لتشخص الطبيعة بالفرد الناقص كتشخصه بالفرد الكامل،