منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٢٧٦
نعم قد يكون الوارد أمرا له محل في نفسه كالحكم، فان متعلق الحكم محل الوارد، مثل (ورد في الخمر نهي) ولا يصح أن يقال: ورده نهي، فان الموضوع - وهو الخمر - محل الوارد باعتبار كونه موضوع حكم الشارع ومتعلق متعلقه، لا المكلف الذي هو المورود، و يكون المكلف مورودا عليه، ولكن في هذا الحديث ليس المورود إلا المكلف لا محل الوارد، ولذا لو لم يكن الوارد محتاجا إلى المحل لا يتعدى إلا بنفسه أو بحرف الاستعلاء بلحاظ الاشراف.
و الحاصل: أن التضايف يقتضي وجود مورود للوارد، وورود النهي لما كان بوصوله إلى المكلف فلا مناص من حمله على الوصول لا على الصدور.
فالمتحصل: أنه بناء على ما تقدم يتم الاستدلال بالمرسلة على البراءة.
هذا توضيح بعض ما أفاده المدقق الأصفهاني في حاشيته الأنيقة.
أقول: يمكن المناقشة في مواضع من كلماته قدس سره.
منها: ما أفاده في وجه امتناع إرادة الإباحة الواقعية من (مطلق) مع كونها مغياة بصدور النهي - من أن الإباحة متقومة بلا اقتضاء موضوعها للمفسدة فلا يعقل ورود نهي فيه منبعث عن اقتضائه لها - إذ فيه: أن عدم المعقولية انما يتصور فيما إذا كان الموضوع علة تامة للمفسدة التي ينبعث عنها النهي، إذ لا يعقل حينئذ إباحته الناشئة عن عدم اقتضائه للمفسدة، فان اجتماع الاقتضاء واللا اقتضاء من اجتماع النقيضين الممتنع. وأما إذا كان الموضوع مقتضيا للمفسدة لا علة تامة لها، والإباحة ناشئة تارة من عدم المقتضي للمفسدة، و أخرى من تزاحم المقتضيين للوجوب والحرمة مع عدم رجحان أحدهما على الاخر، وثالثة