منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ١٥٨
وإلا لم يكن العلم به منجزا له وموجبا للاحتياط.
قلت: لزوم الاحتياط في مثل ذلك لا يكشف الا عن منجزية العلم الاجمالي بالالزام الخاص الذي هو التكليف، لا مطلق الالزام المشترك بين الوجوب والحرمة. وبعبارة أخرى: الحكم الخاص المعلوم إجمالا مردد بين حكمين كالموضوع المشتبه بين شيئين. ففي المثال المزبور يكون تنجيز العلم بالالزام المتعلق بالدعاء أو شرب التتن لأجل العلم الاجمالي بنوع مردد بين نوعين، لا لأجل العلم بالجنس، بل العلم به ملزوم للعلم الاجمالي بالنوع الذي هو المنجز.
والحاصل: أن الالزام بنفسه لا يكون من الأحكام الخمسة أصلا. و عليه فالحق في ضبط مجاري الأصول أن يقال: (الشك ان لو حظ فيه الحالة السابقة فهو مجرى الاستصحاب، والا فان كان الشك في نفس التكليف فهو مجرى البراءة وان كان الشك في متعلقه مع العلم و لو إجمالا بنفس التكليف فهو مجرى البراءة وان كان الشك في متعلقه مع العلم ولو إجمالا بنفس التكليف فان أمكن فيه الاحتياط فهو مجرى قاعدة الاحتياط، وان لم يمكن فيه ذلك فهو مجرى قاعدة التخيير) وعليه فالملحوظ في أصالة البراءة أمر واحد وهو الشك في التكليف، ولا ينتقض بعض المجاري بالآخر، ففي دوران الامر بين وجوب شئ وحرمته وإباحته يجري البراءة، لكون الشك فيه في نفس الحكم، وفي دورانه بين وجوب شئ وحرمة آخر يجري الاحتياط، لكون الشك في المكلف به مع العلم الاجمالي بنوع التكليف و إمكان الاحتياط فيه. وكذا في العلم الاجمالي بوجوب أحد شيئين كصلاتي الجمعة والظهر، للعلم بالتكليف، ودوران المكلف به بين شيئين. وفي دورانه بين وجوب شئ وحرمته يجري التخيير، لعدم إمكان الاحتياط فيه مع العلم الاجمالي بنوع التكليف.