منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٢٨٠
نعم ما أفاده (قده) من محذور تخلف الحكم عن موضوعه التام يتوجه على صاحب الكفاية وغيره ممن يجعل (مطلق) بمعنى المباح الظاهري والورود بمعنى الصدور بناء على كون (حتى يصدر) غاية للحكم بالإباحة لا قيدا لموضوعها، ضرورة أن الموضوع هو ذات المشكوك المجامع للشك في تشريع النهي، وحينئذ فاللازم الحكم بالإباحة رعاية لاقتضاء الموضوع، والتوقف عنه بمقتضى الشك في تحقق الغاية أعني صدور النهي.
ومنها: ما أفاده في إجراء الأصل، فنقول: ان أريد بإجرائه إثبات الإباحة بالمعنى الأخص، فهو مثبت، لأنه من إثبات أحد الضدين بنفي الضد الاخر وهو الحرمة، أو لأنه من إثبات ذي الغاية بعدم غايته. وان أريد به إثبات الجواز بمعنى اللا حرج فهو غير جار، لعدم كون الجواز حكما شرعيا ولا موضوعا لحكم شرعي. وان أريد إجراء الأصل في نفس الإباحة فهو وان كان سليما عن مناقشته قدس سره، لما عرفت من إمكان إرادة الإباحة من الحديث، ولكنه مبني على القول بجريان الاستصحاب في الاحكام الكلية.
وأما ما أفاده في المحذور الثالث فهو متين لا غبار عليه.
ومنها: ما استبعده من حمل الخبر على بيان الإباحة العقلية، لاستقلال عقل كل عاقل باللا حرج قبل الشرع. إذ فيه: أن عدم مناسبة بيان هذه الإباحة لمقام الإمام عليه السلام منوط بأمرين غير ثابتين:
أحدهما: أن يكون مرادهم بالقبلية في مسألة (أن الأشياء قبل الشرع على الحظر أو الإباحة) القبلية الزمانية يعني: أن الافعال قبل بعثة الأنبياء عليهم السلام أو قبل التشريع محظورة أو مباحة، فيكون بيان الإمام عليه السلام أنها على الإباحة بعيدا عن مقامه، لكونه بيانا لأمر لا فائدة