منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ١٠٩
أما فطريته، فلما عرفت من كون دفع الضرر وجلب النفع جبليا لكل ذي شعور، وأما غيريته، فلمقدمية المعرفة لدفع الضرر. ومنه يظهر عدم وجوبها النفسي بعد وضوح مقدميته لدفع الضرر، وانتفاء ملاك النفسية فيه، واحتمال وجوبها كذلك لكونها بنفسها شكرا ضعيف، لما مر أولا من عدم انطباق حد الشكر عليها، وثانيا بعد تسليمه من عدم دلالة حسن الشكر على وجوبه، إذ ليس لازما مساويا للوجوب.
واما عدم شرعيته، فلانه لا يصح الاستدلال عليه بالأدلة النقلية كما مر آنفا.
الرابع: أنه يجب الاعتقاد والالتزام النفساني بما حصل له من المعرفة بالله تعالى وأنبيائه وأوصيائهم عليهم الصلاة والسلام، لدخل عقد القلب على ذلك قطعا أو احتمالا في أداء الشكر الواجب، بحيث لا يحصل القطع بأدائه الا بالاعتقاد المزبور، فالاخلال به مظنة للضرر الذي يلزم عقلا أو فطرة دفعه، وهذا الوجوب ثابت ولو مع عدم التمكن من المعرفة، لما تقدم من إمكان الاعتقاد بالواقع على ما هو عليه و عدم توقفه على المعرفة.
الخامس: إذا لم يتمكن من تحصيل المعرفة في الأصول الاعتقادية، فهل يقوم الظن مقامها أم لا؟ فيه تفصيل، وهو: أنه ان كان المطلوب فيها عقد القلب والانقياد لها كخصوصيات عالم البرزخ والبعث و الجنة والنار لا المعرفة بذلك، فالظن الخاص حجة فيها، ولا مانع من عقد القلب على مضمونه، وأما الظن المطلق فليس حجة فيها، لعدم جريان دليل الانسداد هنا، إذ من مقدماته عدم وجوب الاحتياط أو عدم جوازه للعسر أو اختلال النظام، ومن المعلوم إمكان