منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ١٩٢
لا يقال: ليست المؤاخذة [1 [1 من الآثار الشرعية
____________________
(1) غرضه: أن أصالة البراءة التي هي من الأصول العملية لا تنفي إلا الآثار الشرعية، ومن المعلوم أن المؤاخذة ليست منها، ضرورة أن نفسها من الأمور التكوينية، واستحقاقها من الاحكام العقلية، فلا ترتفع المؤاخذة بإجراء البراءة
الكل وهو الوضع على العلم به، وهو محال، لأنه دور.
وثالثا: أنه يلزم على هذا المبنى انسداد باب وجوب تعلم الاحكام أيضا، إذ المفروض أنها موقوفة على العلم بالوضع توقف الحكم على موضوعه، وقد ثبت في محله عدم وجوب تحصيل الموضوع، و مجرد العلم الاجمالي باشتغال الذمة بأفعال وتروك لا يجدي في إثبات وجوب التعلم، لأنه علم إجمالي بالموضوع، والمجدي هو العلم بالحكم.
الا أن يقال: ان العلم الاجمالي بالموضوع علم إجمالي بالحكم، وهذا كاف في تنجيز الأحكام التكليفية المترتبة على الوضع، وفي وجوب تعلمها.
أو يقال: ان التكليف ليس مترتبا على الوضع ترتب الحكم على موضوعه، بل هما في رتبة واحدة، ومعلولان لعلة ثالثة، وحينئذ يكون الرجوع إلى الأدلة موجبا للعلم بكل من الوضع والتكليف، وبه يندفع الاشكال الثاني وهو انسداد البراءة في الشبهات الحكمية، و الاشكال الثالث وهو انسداد باب وجوب تعلم الاحكام. نعم يبقى الاشكال الأول وهو عدم الدليل على انحلال كل حكم إلى تكليف و وضع، ولا بد من مزيد التأمل وإمعان النظر فيما أفاده رفع الله تعالى في الخلد مقامه.
[1] لا يخفى أن الاشكال في المؤاخذة من ناحيتين:
إحداهما: عدم كونها أثرا شرعيا حتى يصح جريان أصل البراءة التي هي من الأصول العملية فيها.