منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٢٧٧
من وجود مانع يمنع عن تأثير المقتضي في تشريع الحرمة، فلا محذور في الاجتماع، لعدم فعلية جميع الملاكات وما يترتب عليها من الاحكام حينئذ، فلا موجب للالتزام بتقوم الإباحة دائما بعدم المقتضي للمفسدة حتى يمتنع اجتماعها مع المقتضي لها، هذا.
مضافا إلى: أن الاتصاف بالاقتضاء واللا اقتضاء ليس في زمان واحد، إذ مع دخل الشرائط الخاصة كالزمان والمكان وغيرهما في الملاكات كدخل الشرائط العامة فيها يتضح أنه لا مانع من عروض الحرمة على ما كان مباحا كالجمع بين الأختين، فإنه على ما يظهر من بعض الروايات كان جائزا، ولذا روي أن يعقوب عليه السلام جمع بين أختين ولدتا له يوسف وأخاه يهودا، وفي شرع الاسلام صار حراما، وكذا القصاص في القتل العمدي، فإنه حرام في قتل الوالد ولده وجائز في غيره، وكالربا، فإنها حرام في بعض الموارد وجائز في بعضها الاخر، وغير ذلك من الأشياء التي يتعلق الحل والحرمة بها بعناوينها الأولية، فتأمل.
فالمتحصل: أنه لا مانع من كون الإباحة الواقعية مغياة بصدور النهي.
ومنها: ما أفاده من امتناع جعل الإباحة الواقعية مع كون (حتى يصدر) قيدا للموضوع وتحديدا له، إذ فيه: أنه بناء على المعرفية و المشيرية يتم معنى الحديث، وليس ذلك بيانا لأمر بديهي غير مناسب لشأن المعصوم عليه السلام، فإنه لو أريد بالاطلاق اللا حرج العقلي كان لما ذكره وجه، مع الغض عما سيأتي من المناقشة فيه أيضا. ولكن المفروض الإباحة الواقعية التي هي من الأحكام الخمسة التكليفية والمتوقفة على الجعل والتشريع جدا، ولولاه لم يصح إسنادها إلى الشارع.
ولا يلزم اللغوية من بيان هذه الإباحة مع استقلال العقل باللا حرجية قبال الحظر.