منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ١٥٣
فعلى هذا يكون دوران حكم شئ بين الوجوب والحرمة والإباحة مجرى البراءة، لكون الشك فيه في نفس التكليف مع عدم إمكان الاحتياط فيه، ومجرى قاعدة التخيير أيضا بناء على ظاهر العبارة الأولى من كون مجراها عدم إمكان الاحتياط فيه سواء كان الشك في نفس التكليف كهذا المثال أم في المكلف به كدوران الامر بين المحذورين.
وأما مجرى قاعدة الاحتياط فهو أن لا يكون الشك في التكليف وأن يمكن فيه الاحتياط، فيعتبر فيه قيدان: أحدهما عدمي وهو عدم كون الشك في التكليف، والاخر وجودي وهو إمكان الاحتياط، كالعلم بوجوب أحد شيئين كصلاتي الظهر والجمعة، لامكان الاحتياط بفعل كلتيهما، وعدم كون الشك في نفس التكليف.
وأما مجرى قاعدة التخيير، فهو: أن لا يكون الشك في التكليف وأن لا يمكن فيه الاحتياط، فالشك في وجوب شئ أو حرمته أو إباحته مجرى قاعدة التخيير بناء على العبارة الأولى، لعدم إمكان الاحتياط فيه، إذ لم يعتبر في مجراها الا عدم إمكان الاحتياط، ولم يعتبر فيه الشك في التكليف، ومجرى أصالة البراءة بناء على هذه العبارة، لكون الشك فيه في التكليف، ولم يعتبر في مجراها الا هذا.
وأما العبارة الثالثة المذكورة في أوائل البراءة فهي: (والثاني - أي الشك غير الملحوظ معه الحالة السابقة - اما أن يكون الاحتياط فيه ممكنا أم لا، والثاني هو مورد التخيير، والأول اما أن يدل دليل عقلي أو نقلي على ثبوت العقاب بمخالفة الواقع المجهول، واما أن لا يدل، والأول مورد الاحتياط، والثاني مورد البراءة) وظاهره: أن مجرى قاعدة التخيير هو عدم إمكان الاحتياط سواء كان الشك في التكليف أم المكلف به، فالمعتبر فيه قيد واحد وهو عدم