منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ١٧٢
السالفة - من دلالتها على نفي العذاب الأخروي الذي هو أشد بمراتب من العذاب الدنيوي قطعا، فالتعذيب الأخروي على الحكم المجهول قبل إقامة الحجة والبيان عليه الذي هو مورد البحث منفي جزما.
وبالجملة: فالانصاف عدم قصور في دلالة الآية المباركة على البراءة، وعدم ورود شئ من الاشكالات عليها.
نعم يرد عليه: أنه لا يستفاد من الآية الشريفة إلا ما يقتضيه قاعدة قبح العقاب بلا بيان، وهذا لا يجدي في قبال الخصم القائل بأن إيجاب بيان، فهو وارد على القاعدة، لكونه رافعا لموضوعها فلا تصلح الآية لا ثبات البراءة بحيث تعارض أدلة الاحتياط.
الا أن يقال: بما أفاده سيدنا الأستاذ (قده) في مجلس الدرس من إرادة نفي الملزوم - وهو إيجاب الاحتياط - من نفي اللازم وهو التعذيب، حيث إن الاخبار عن نفيه في ظرف عدم البيان كناية عن عدم تشريع وجوب الاحتياط، إذ مع تشريعه لا وجه لنفي التعذيب، فالآية على هذا التقريب مساوقة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:
(رفع ما لا يعلمون) من حيث الدلالة على ارتفاع الحكم المجهول ظاهرا في قبال من يدعي عدم ارتفاعه كذلك بإيجاب الاحتياط.
أقول: ما أفاده (قده) في نفسه متين، لكنه خلاف ظاهر الآية الشريفة و هو عدم العقاب قبل البيان الذي يحكم العقل بقبح العقاب قبله، و هذا بخلاف حديث الرفع، حيث إن الرفع أسند إلى الواقع المجهول، و لما كان الرفع تشريعيا، فلا بد من تعلقه بما يكون وضعه ورفعه بيد الشارع، ولما كان رفع التكليف المجهول واقعا مستلزما للتصويب، فلا بد من رجوعه إلى إيجاب