منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ١٥٥
وأما المختص بالعبارة الأخرى المذكورة في أول القطع فهو انتقاض مجرى البراءة والتخيير بالآخر في صورة دوران حكم شئ بين الوجوب والحرمة، حيث إن مقتضى إطلاق تلك العبارة جريان البراءة في هذه الصورة لكونها من موارد الشك في الحكم، والمفروض عدم تقيد مجرى البراءة في العبارة الأخرى بإمكان الاحتياط فيه، فلا بد من جريان البراءة في هذه الصورة مع أنه (قده) اختار فيها التخيير وجعلها مجرى لهذا الأصل.
أقول: تنقيح المقام منوط ببيان أمور: الأول: أن المراد بالتكليف الذي ذكره الشيخ في مجاري الأصول هل هو خصوص النوع أم أعم منه ومن الجنس؟ الانصاف أن كلماته (قده) في ذلك مضطربة، ففي مباحث العلم الاجمالي من رسالة القطع اختار الأعمية، حيث قال: (و ان كانت المخالفة مخالفة لخطاب مردد بين خطابين. في المخالفة القطعية حينئذ وجوه. الثاني عدم الجواز مطلقا. الرابع الفرق بين كون الحكم المشتبه في موضوعين واحدا بالنوع كوجوب أحد الشيئين و بين اختلافه كوجوب الشئ وحرمة آخر. والأقوى من هذه الوجوه هو الوجه الثاني) وفي مبحث البراءة اختار كون التكليف خصوص الوجوب أو الحرمة، حيث قال في مقام تقسيم الشك إلى ما يلاحظ فيه الحالة السابقة وما لا تلاحظ فيه: (لأن الشك اما في نفس التكليف و هو النوع الخاص من الالزام وان علم جنسه كالتكليف المردد بين الوجوب والتحريم) وقال في أول الاشتغال: (الموضع الثاني في الشك في المكلف به مع العلم بنوع التكليف بأن يعلم الحرمة أو الوجوب ويشتبه الحرام أو الواجب) وقال في المسألة الأولى من مسائل المطلب الثالث الذي عقده لمباحث ما دار أمره