منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ١٥٤
إمكان الاحتياط، فدوران حكم شئ بين الوجوب والحرمة والإباحة، وكذا دورانه بين الوجوب والحرمة مجرى قاعدة التخيير بناء على هذه العبارة والعبارة الأولى المذكورة في المتن، ويكون المثال الأول من مجاري البراءة بناء على العبارة الثانية المذكورة في الهامش، لكونه شكا في نفس التكليف، إذ المفروض دورانه بين الوجوب والحرمة والإباحة.
هذا توضيح العبارات الثلاث المذكورة في الرسائل لضبط مجاري الأصول وقد أورد المصنف (قده) على جميعها في حاشية الرسائل بوجوه بعضها مشترك بين العبارتين الأوليين المذكورتين في أول الكتاب، وبعضها مشترك بين العبارة الأولى وما ذكره في أول البراءة، وبعضها مختص بالعبارة الأخرى المذكورة في أول القطع.
أما المشترك بين العبارتين الأوليين فهو النقض بما إذا دار الامر بين وجوب شئ وحرمة آخر كوجوب الدعاء عند رؤية الهلال أو حرمة شرب التتن، حيث إن مقتضى هاتين العبارتين أن يكون مثل هذا المثال مجرى البراءة، لكونه شكا في التكليف وهو النوع، إذ لو أريد بالتكليف أعم منه ومن الجنس لم يكن من الشك في التكليف، فورود هذا النقض مبني على إرادة النوع من التكليف مع إمكان الاحتياط، الا أن مختاره فيه الاحتياط.
وأما المشترك بين العبارة الأولى وبين ما ذكره في أول البراءة فهو انتقاض مجرى كل من التخيير والبرأة بالآخر في دوران حكم شئ بين الوجوب والحرمة والإباحة، إذ لا يمكن فيه الاحتياط، فمقتضى هاتين العبارتين هو التخيير، مع أنه (قده) اختار فيه البراءة.