أيضا ليس له ذلك فان المأمور به ليس هو الفاسد ولا الجامع بينه وبين الصحيح بل هو الصحيح فالمأمور به مقيد بقيد صدقه على الفاقد لما شك في اعتباره مشكوك فيه فلا يمكن التمسك بالاطلاق.
وفيه: انه للصحة المستعملة في كلمات القوم في المقام معان: أحدها: ما يقوله الصحيحي في الوضع، وهو العنوان البسيط الملزوم للمطلوب المنطبق على مجموع الاجزاء والشرائط، أو غيره مما قيل في وجوه تصوير الجامع على الصحيح الذي يدعى الصحيحي انه الموضوع له. الثاني: ترتب الأثر، فالصحيح هو ما يترتب عليه الأثر، ويكون وافيا بالغرض. الثالث: مطابقة الماتى به للمأمور به. وشئ منها لا يكون دخيلا في المأمور به على الأعم، اما الأول فلان دخل عنوان بسيط منطبق على مجموع الاجزاء والشرائط في المأمور به بنفسه مما لا دليل عليه، بل الدليل ظاهر في تعلقه بنفس الاجزاء والشرائط، و اما الثاني فلان المأمور به ليس هو المحصل للغرض بعد فرض كون بيان المحصل وظيفة الشارع، وعلى أي تقدير لا دليل على تقيد المأمور به به، واما الثالث: فلانه مما لا يتأتى الا من قبل الامر فكيف يمكن اخذه في المتعلق، وهل هذا الا تقدم ما هو متأخر وهو محال.
فتحصل انه كما لا يكون الفاسد مأمورا به لا يكون الصحيح مأمورا به بل المتعلق هو الاجزاء والشرائط الخارجية وبعد تعيين ما هو دخيل في المأمور به بالدليل الخاص أو بالاطلاق لو اتى به المكلف يتصف ما اتى به بالصحة، وعليه فعلى الأعم إذا امر بالصلاة مثلا المفروض انها اسم لعدة اجزاء خاصة وشك في اعتبار امر آخر غير تلك الأجزاء في المأمور به كجلسة الاستراحة، يتمسك بالاطلاق لنفى اعتباره وببركته تنصف الصلاة الخارجية الفاقدة لها بالصحة، وهذا بخلاف القول بالوضع للصحيح، فان المأمور به انما هو عنوان يشك صدقه على الفاقد لما شك في اعتباره لفرض كون المسمى هو الواجد لجميع الاجزاء والشرائط، ومع الشك في صدق الموضوع لا مجال للتمسك بالاطلاق.
وبما ذكرناه ظهر ما في كلمات المحقق العراقي (ره) في المقام، حيث أورد على هذا الجواب - أي عدم معقولية اخذ الصحة في المأمور به على الأعم - بأنه كما أن الصحة لم تؤخذ في المسمى على الصحيح، بل الموضوع له واستعمل فيه، هي الحصة الخاصة