كان الدليل في مقام البيان، ولم ينصب قرينة على التعيين لان المقدمة الأولى التي هي الأساس تامة على هذا المسلك لان الحكم حينئذ تعلق بالطبيعي الجامع بين الافراد الصحيحة والفاسدة، فيصح التمسك بالاطلاق لدفع ما شك في اعتباره جزءا أو قيدا لأنه شك في اعتبار شئ زايدا على صدق اللفظ. بخلاف القول بالوضع للصحيح فان المقدمة الأولى على هذا المسلك مفقودة إذ الحكم ورد على الواجدان لجميع الاجزاء والشرائط، فلو شك في جزئية شئ أو شرطيته لا مجالة يؤول الشك إلى الشك في صدق اللفظ على الفاقد للمشكوك فيه لاحتمال دخله في المسمى ومعه لا يصح التمسك بالاطلاق.
وأورد على هذه الثمرة بايرادين: الأول ان اللحظات المتعلقة بالعبادات الواردة في الكتاب والسنة، اما ان لا تكون في مقام البيان كما هو الغالب فلا يصح التمسك باطلاقها ولو الأعم، واما ان يكون في مقام بيان تعداد الاجزاء والشرائط كصحيح حماد، فالصحيحي أيضا يتمسك بالاطلاق كالأعمى لعدم جزئية المشكوك فيه للسكوت عنها في مقام البيان، وان شئت فاختبر ذلك من حال المقلدين في مراجعة كتب الفتاوى حيث إن المجتهد إذا كان في مقام بيان تعداد الاجزاء والشرائط ولم يبين جزئية المشكوك فيه يتمسكون بالاطلاق لنفى اعتباره، وكذلك عند مراجعة المريض إلى الطبيب فإنه إذا كان في مقام بيان المعجون الفلاني يتمسك المريض بالاطلاق لنفى ما يحتمل اعتباره إذا لم يصرح به الطبيب.
وفيه: هناك صورة ثالثة - غير ما ذكر - وهي: ما إذا كان الدليل واردا في مقام بيان وجوب ما يصدق عليه الصلاة مثلا مع ما يعتبر في المأمور به: فإنه حينئذ الأعمى بعد احراز صدق الصلاة يتمسك باطلاقه لدفع ما شك في اعتباره، واما الصحيحي فحيث ان الشك في اعتبار امر في المأمور به عنده موجب للشك في صدق الصلاة على فاقدة فليس له التمسك بالاطلاق، وان شئت قلت: ان محل الكلام هو التمسك بالاطلاق اللفظي لا المقامي، وما ذكر في تقريب استدلال الصحيحي بالاطلاق انما هو تمسك بالاطلاق المقامي والفرق بينهما ظاهر.
الايراد الثاني ان الصحيحي وان كان لا يمكن له التمسك بالاطلاق الا ان الأعمى