التكوينيات فكما انها لا تنفك عن المعلول في أول أزمنة الامكان كذلك ما هو منزل منزلها.
فاسد لعدم تسليم صحة التنزيل المزبور، مع أن البعث الشرعي انما هو جعل ما يمكن ان يكون داعيا، نعم مقتضى الاطلاق جواز التراخي: فان مقتضاه كون الواجب هو الطبيعي المطلق بلا اعتبار خصوصية زائدة من الفور أو التراخي، ولازم ذلك جواز التراخي، وقد مر ان الأصول اللفظية حجة في مثبتاتها، هذا إذا كان هناك اطلاق والا فيرجع إلى الأصل العملي وهو أيضا يقتضى ذلك لأصالة البراءة عن الخصوصية الزايدة.
وقد يقال ان مقتضى القاعدة والأصل وان كان ذلك، الا انه قامت القرينة العامة على الفور وهي قوله تعالى " وسارعوا إلى مغفرة من ركم " وقوله عز وجل " فاستبقوا الخيرات " بدعوى ان الامر ظاهر في الوجوب، فالاتيان تدلان على وجوب المسارعة والاستباق، وبديهي ان الواجبات الشرعية من أظهر افراد المغفرة والخير، فيجب المسارعة والاستباق إليها باتيانها في أول أزمنة الامكان، وأجاب عنه المحقق الخراساني (ره) بأجوبة، أحدها: ان سياق الآيتين انما هو البعث نحو المسارعة إلى المغفرة والاستباق إلى الخبر من دون استتباع تركهما الغضب والشر ضرورة ان تركهما لو كان مستتبعا للغضب والشر كان البعث بالتحذر عنهما انسب.
وهذه بظاهره بين الوهن، فان المستدل انما يستدل بظاهر الامر فلو تم ذلك لزم عدم ظهور الامر في مورد في الوجوب. وبعبارة أخرى انه لو تم لجرى ذلك في ساير الواجبات المقتصر في بيانها على البعث من غير ضم وعيد على الترك.
ولذلك ربما يقال انه أراد بما ذكره مطلبا آخر وان كانت العبارة قاصرة عن إفادته - وحاصله ان تعلق الامر في الآيتين بعنواني، المسارعة إلى المغفرة، والاستباق إلى الخيرات، بنفسه دال على الاستحباب، لدلالته على تحقق الخير والمغفرة في كلتا صورتي - المسارعة والاستباق، وعدمهما، ولازم ذلك عدم كون الامر وجوبيا، والا لم يكن الاتيان بالفعل في الأزمنة اللاحقة مغفرة وخيرا، ولازم ذلك عدم كونه في الان الأول، مسارعة إلى المغفرة واستباقا إلى الخير.
ولكن يرد عليه ان لازم هذا الوجه عدم كون الاستباق من قيود المأمور به مقوما