ترتب المسببات التوليدية على أسبابها كي يصح تعلق التكليف بها، بل من قبيل ترتب المعلومات على عللها المعدة، فليست تحت اختيار المكلف فلا يصح تعلق التكليف بها، بل وظيفة المكلف حينئذ ليست الا الاتيان بالمأمور به كما تقدم تفصيل ذلك في مبحث الصحيح والأعم، وعليه فلو اتى بالمأمور به وشك في حصول الغرض لا يحكم العقل بلزوم الاتيان بالفعل بنحو يسقط الغرض وهو اتيانه مع قصد الامتثال.
والجواب عن ذلك قد تقدم في مبحث الصحيح والأعم وعرفت ان نسبة الاغراض إلى الواجبات نسبة المسببات إلى أسبابها، فراجع ولا نعيد ما ذكرناه.
فالصحيح في الجواب عن ما افاده المحقق الخراساني ان الاغراض المترتبة على الواجبات على قسمين، الأول: ما يفهمه العرف والعامة ويكون محصله أيضا معلوما عندهم بمعنى ان له قدر متيقنا ثابتا عندهم، كالقتل، والطهارة، وفي هذا القسم يصح التكليف بالغرض وإذا شك في المحصل لابد من الاتيان بما يقطع معه بحصول الغرض.
الثاني: مالا يفهمه العرف ولا يدرون ماذا يحصله، وفي مثل ذلك لا يصح التكليف به، بل وظيفة المولى حينئذ الامر بما يحصله ووظيفة المكلف الاتيان بالمأمور به وأكثر الواجبات الشرعية من هذا القبيل، فحينئذ لو اتى بالمأمور به بتمامه ومع ذلك شك في حصول الغرض لا مورد لقاعدة الاشتغال إذ تطبيق ما يفي بالغرض على ما امر به انما هو وظيفة المولى ولا يجب على العبد سوى الاتيان بالمأمور به.
فان قيل إن كان المشكوك دخله في الغرض مما أمكن اخذه في المتعلق تم ما ذكرت، إذ يصح الرجوع إلى قبح العقاب بلا بيان، وأما إذا كان مما لا يمكن اخذه كقصد القربة على الفرض، فحيث انه لو كان دخيلا في حصول الغرض لما تمكن المولى من بيانه، فلا مورد للرجوع إلى تلك القاعدة العقلية، أجبنا عنه: ان المراد من البيان الذي يكون عدمه موضوعا لذلك الحكم العقلي، ليس هو الامر، بل المراد به الوصول، وايصال المولى، تارة يكون بأمره، وأخرى بجعل وجوب الاحتياط، وثالثة بالاخبار، فإنه أيضا ايصال ويرتفع به موضوع قبح العقاب بلا بيان، وفي المقام وان كان لا يمكن الايصال بالامر، الا انه للمولى الاخبار بدخله في حصول الغرض، فإذا لم يبين يكون المرجع