والكلام فيه في مقامين: الأول: فيما يقتضيه الأصل اللفظي الثاني: في مقتضى الأصول العملية.
اما المقام الأول: فإذا ورد عام مثل قوله تعالى " ولا يغتب بعضكم بعضا " وخصص ذلك بما اخذ في موضوعه عنوان اشتقاقي مثل ما دل على جواز غيبة المعلن بالفسق، فبالطبع بعد الشك في كون المشتق حقيقة في الأعم يشك في أن من كان متلبسا سابقا بهذا الوصف وانقضى عنه المبدأ هل يكون باقيا تحت العام أو هو مشمول لدليل الخاص والفرض كون الشبهة مفهومية - فحينئذ ان كان المخصص متصلا بصير العام مجملا - ففي مورد الشك لا يمكن التمسك بالعام ولا بالخاص، وان كان منفصلا كما في المثال، ففي المقدار المتيقن دخوله تحت عنوان الخاص يؤخذ بالخاص، وفي الزايد منه يرجع إلى العام كما حقق في محله.
واما المقام الثاني: فعن جماعة منهم المحقق الخراساني، انه يرجع إلى الاستصحاب إذا كان الانقضاء بعد فعلية الجواز، والى البراءة إذا كان قبله.
ولكن الأظهر عدم جواز الرجوع إلى الاستصحاب في الفرض الأول أيضا، وذلك لوجهين: أحدهما: عدم جريان الاستصحاب في الاحكام، لكونه محكوما لاستصحاب عدم الجعل، كما حققناه في الجزء الرابع من هذا الكتاب في مبحث الاستصحاب. الثاني:
ما ذكرناه في ذلك المبحث تبعا للشيخ الأعظم، من أنه إذا تردد الموضوع بين الزايل والباقي، كما لو انقلب الكلب واستحال ملحا، وشك في نجاسته، من جهة الشك في أن معروض النجاسة، المادة المشتركة الباقية، أو الصورة النوعية الزايلة، لا يجرى استصحاب بقاء الحكم، حتى على القول بجريانه في الاحكام الكلية الشرعية، ولا استصحاب بقاء الموضوع. اما عدم جريان استصحاب الحكم فللشك في بقاء موضوعه. واما عدم جريان الاستصحاب الموضوعي فلعدم الشك في الموجود الخارجي. وتمام الكلام في محله، وعلى ذلك فلا يجرى الاستصحاب في المقام حتى فيما كان الايجاب قبل الانقضاء، لا الاستصحاب الحكمي ولا الموضوعي.
ولا يخفى انه على فرض جريان الاستصحاب الموضوعي لا فرق بين الصورتين