الطهارة، فإنه مضافا إلى اقتضائه أن لا يحكم بصحة صلاة أتى بها في ثوب علم إجمالا نجاسته، أو نجاسة ثوب آخر ثم تبين أنه كان طاهرا بعد أن صلى فيه ولم يصل بعد في الطرف الآخر، مع أنه لا ينبغي الريب في صحتها يلزمه عدم جريان استصحاب الطهارة، بعدم كونها حكما عمليا ولا موضوعا له، ودخلها في تحقق الإحراز وإن كان مسلما إلا أن استصحابها لا يجري حتى يثبت به الإحراز، فإن جريانه فرع ترتب حكم شرعي عليه، والمفروض عدمه. فما في الكفاية محل نظر، بل منع.
نعم، يمكن أن يقال: إن الصحيحة دالة على جريان استصحاب الطهارة الخبثية، فلو كان المستفاد من الأدلة أن شرط الصلاة إنما هو إحرازها لأنفسها فحيث إن لازمه خروجها عن كونها موضوع حكم شرعي لكان مقتضى الصحيحة حجية الأصل المثبت بمقدار ما يدل عليه الصحيحة، فإن عدم القول بالأصل المثبت ليس إلا لأجل أنه لا دليل عليه، والصحيحة تكون حينئذ دليلا عليه في دائرة مدلولها. هذا.
لكنك خبير بأنه بناء على فرض، وأن المستفاد من الأدلة أنها أيضا شرط، فإحرازها إحراز للشرط، كما في إحراز سائر الشروط نعم، إنها ليست شرطا منحصرا، بل كما أنها محقق للشرط ومصداقه فهكذا إحرازها، وهكذا الطهارة الظاهرية، فلا دلالة في الصحيحة على حجية الأصل المثبت.
وقد يجاب عن هذا الإشكال: بأن الجواب مبني على قاعدة اقتضاء الأمر الظاهري للإجزاء. قال الشيخ الأعظم (قدس سره): " وربما يتخيل حسن التعليل لعدم الإعادة بملاحظة اقتضاء الأمر الظاهري للإجزاء، فيكون الصحيحة من حيث تعليلها دليلا على تلك القاعدة، وكاشفة عنها ".
أقول: كلام هذا المتخيل فيه احتمالان:
أحدهما: أن يريد به أن التعليل وقع بنفس هذا الأمر الظاهري بأن يكون معنى قوله (عليه السلام) " لأنك... إلى آخره " أنه كان لك استصحاب الطهارة الذي هو في معنى