أساس مقالة المحقق الخراساني وهؤلاء الأعاظم قدست أسرار أمواتهم ومد ظل الحي منهم. وسيأتي - إن شاء الله تعالى حق المقال في مآل هذه الفقرة المباركة.
وثالثا: أن ما أفيد في تبيين ذاك التقريب من تركب موضوع وجوب الانفصال مما لا يمكن تصديقه، فإن موضوع هذا الحكم في الأخبار الواردة ليس إلا الشك وعدم الدراية مع اعتدال الوهم، ولم يشر فيها إلى إحراز عدم الإتيان، ولا وجه لتقييده به.
والتحقيق في فقه الصحيحة أن يقال: إن ظاهر جواب الإمام (عليه السلام) في كلتا صورتي الشك المفروضتين فيها إيجاب الإتيان بالمشكوكة بالاتصال، فإن موضوع سؤال السائل " من لم يدر في أربع هو أم في ثنتين وقد أحرز الثنتين " هو من كان أثناء صلاته وقد طرأت له هذه الحالة، فإذا قال الإمام (عليه السلام) في مقام تعيين وظيفته: " يركع ركعتين وأربع سجدات - وهو قائم - بفاتحة الكتاب ويتشهد ولا شئ عليه " لما كان المفهوم منه إلا أن هذا الرجل الشاك أثناء صلاته لا يفعل إلا ما ذكره الإمام (عليه السلام) ولا شئ عليه، فلو كان اللازم عليه أن يسلم ثم يأتي بهاتين الركعتين لوجب التنبيه عليه، وإلا فلا محالة يبادر المصلي الشاك إلى ما عينه، ويأتي بها أثناء صلاته ومتصلة بالركعات المتيقنة ويتم صلاته بالمعهود من التسليم في آخرها. ومجرد قوله: " بفاتحة الكتاب " لا يقتضي دلالة على لزوم الانفصال، ولا إشارة إليه، كيف؟ وهو ليس إلا تعيينا لأحد فردي التخيير، ولا بأس بإيجابه للشاك تعبدا لو لم يحمل على بيان أحد الفردين.
ومنه تعرف ظهور الفقرة الثانية في الاتصال، فإن قوله (عليه السلام): " وإذا لم يدر في ثلاث هو أو في أربع وقد أحرز الثلاث قام فأضاف إليها أخرى ولا شئ عليه " له ظهور واضح في الإتصال، لما ذكرناه في الفقرة السابقة ويزيد عليها التعبير بقوله:
" أضاف إليها " فإنه كالصريح في الاتصال.
وبالجملة: فظهور الجواب في إيجاب الاتصال مما لا ينبغي الشك فيه.
وبعدئذ فقوله (عليه السلام): " لا ينقض اليقين بالشك " أيضا تأكيد لما أفاده في