المذكور فيها على اليقين بالبراءة الذي يحكم به العقل في كل ما كان الاشتغال يقينيا، وطريق تحصيله هنا هو البناء على الأكثر، والإتيان بصلاة احتياطية بحيث ينجبر بها النقص المحتمل.
إلا أن المحقق الخراساني (قدس سره) في التعليقة والكفاية لم يرتضه، وأورد عليه:
بأن البناء على الأقل وإتيان الركعة المشكوكة متصلة إنما يقتضيه إطلاق استصحاب عدم الإتيان بها، ولا مانع من تقييد هذا الإطلاق بما في صدر نفس الصحيحة، وبقرينة أخبار متعددة اخر معمول بها بأن يكون إتيانها بالانفصال، فأصل الإتيان بها يؤخذ فيه بالاستصحاب، وانفصالها من قرينة الصدر وسائر الأخبار، وهذا التقييد أولى من حمل هذه العبارة المعروفة على غير الاستصحاب.
وعن عدة من الأعاظم والمحققين: إنكار أن إطلاق الاستصحاب يقتضي الإتيان بالركعة المشكوكة متصلة، بل إنه يقتضي هنا إتيانها منفصلة، وذلك أن الاستصحاب إنما يثبت عنوان عدم الإتيان بالركعة المشكوكة، وهو موضوع يؤخذ حكمه من الأدلة الأخرى فيترتب عليه، والأدلة الأولية وإن دلت على وجوب إتيان الركعتين الأخيرتين أيضا بالاتصال ولو لأجل أن لا يلزم زيادة التشهد والسلام وتكبيرة الإحرام إلا أن أدلة إيجاب الصلاة الاحتياطية للشكوك الصحيحة قد دلت دلالة واضحة على أن الواجب على الشاك في الركعات أن يأتي بهما منفصلة، وبالنتيجة: قد وقع تنويع وتفصيل في الحكم الواقعي لمن لم يأت بهما أو إحداهما، فمن كان شاكا يجب عليه بحسب الواقع الإتيان منفصلا، ومن لم يكن له شك يجب عليه الإتيان بهما بالاتصال. ومن الواضح أن مورد الاستصحاب وإن حكم عليه بعدم الإتيان إلا أن المكلف معه شاك، فلا محالة يقع تحت الأدلة الحاكمة بوجوب إتيانهما بالانفصال.
وربما يبين التقريب بأن حكم وجوب الإتيان منفصلة قد رتب على أمر مركب من الشك وعدم الإتيان، وأحد الجزءين - وهو الشك - محرزة بالوجدان، والآخر يحرز بالاستصحاب، ويترتب عليه حكم وجوب الإتيان بالمشكوكة