ومما ذكرنا يظهر عدم الحاجة إلى ما أتعب به سيدنا الأستاذ (قدس سره) لتصحيح الفرق على مقتضى القواعد، وإبداء الفرق بلحاظ الأصول الجارية بين انكشاف الأمر بعد الصلاة وأثنائها. فإنه بحث فرضي لا نشتغل به. هذا كله حول الاستدلال بالفقرة الأولى من الصحيحة، وقد عرفت تماميته.
وأما الموضع الثاني فهو الفقرة الواقعة في آخر الصحيحة: فقد سأل زرارة أخيرا بقوله: " قلت: فإني [فإن - صا] رأيته في ثوبي وأنا في الصلاة؟ قال: تنقض الصلاة وتعيد إذا شككت في موضع منه ثم رأيته فيه، وإن لم تشك ثم رأيته رطبا قطعت [الصلاة - صا] وغسلته ثم بنيت على الصلاة، فإنك لا تدري لعله شئ وقع [أوقع - يب صا] عليك، فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك ".
وبيان دلالتها: أن زرارة قد سأل عن رؤية النجاسة في ثوبه أثناء الصلاة، ففصل الإمام (عليه السلام) في جوابه بما حاصله: " أنه لو كانت بحيث يتيقن معها بوقوع الصلاة في اللباس المتنجس فالصلاة باطلة يجب إعادتها، وإن احتمل وقوع الصلاة في الطاهر لاحتمال وقوع النجاسة عليه حين الرؤية فلا تجب إعادتها، وإنما يرفع اليد عن إدامتها ويغسل الثوب ثم يدام عليها " فالمستفاد من الجواب أن ملاك الصحة هو احتمال أن تكون النجاسة حادثة حين الرؤية، ولذا قيده بأن يكون رطبا، لإبداء ذاك الاحتمال، وحينئذ فلا أقل من أن إطلاقه يعم ما إذا كان من أول الصلاة شاكا في طهارة ثوبه بعد أن كان متيقنا بطهارته، ويدل على أن اليقين لا ينقض بالشك.
لا يقال: إنه يعم أيضا ما إذا كان متيقنا بطهارة ثوبه إلى حين الرؤية أيضا، وبعد أن رأى النجاسة شك في أنها حدثت حينها أم قبلها؟ وهو من موارد قاعدة اليقين.
فإنه يقال: شموله لغير هذه الصورة - أعني ما إذا كان شاكا من أول الصلاة أو غافلا - كاف في تمامية الاستدلال بها، لاعتبار قاعدة الاستصحاب، فتأمل. وفي الفقرة الأولى غنى وكفاية.