من الفرق بين الوصية وبين الاستيداع والوكالة، لتعلقهما بحق المودع والموكل، وهو مسلط على إتلاف ماله، فضلا عن تسليط غير العدل عليه، والموصي إنما سلطه على حق الغير، لخروجه عن ملكه بالموت مطلقا، مع أنا نمنع أن مطلق المستودع والوكيل لا يشترط فيهما العدالة.
هذا، مضافا إلى التأيد بظواهر كثير من النصوص الواردة بالنسبة إلى من مات وله أموال وورثة صغار ولا وصي له، حيث اشترطت عدالة المتولي لذلك (1).
وهي وإن كانت خارجة عما نحن فيه، إلا أن فيها إشعارا بأن المتولي لأمر الوصاية كذلك. ولا فرق بينهما، إلا كون الأول منصوبا من قبل الشارع، والثاني من قبل الميت وإلا فهما بالنسبة إلى ما يتصرفان فيه واحد.
وحينئذ، فكما تراعى العدالة فيه من حيث أن الناصب له الشرع، كذا تراعى فيه من حيث أن الناصب الموصي، فلا ينصب لذلك إلا عدلا.
والفرق بأن للموصي التسلط على ماله يدفعه إلى من يشاء، ويسلط عليه من يختاره لتسلط الناس على أموالهم، بخلاف الحاكم الشرعي المنوط تصرفه بالمصلحة دون ما فيه مفسدة، يظهر ضعفه مما مر، فإن الموصي بعد الموت وانتقال التركة إلى الورثة وفيهم الصغير وفيها الوصايا إلى الجهات العامة ونحو ذلك من التصرفات المحتاجة إلى الوثوق والائتمان لا تعلق له بذلك. فتصرفه فيما ذكر إنما هو تصرف في مال الغير لا مال نفسه، كما ذكر في الفرق.
واعلم أن هذا الشرط إنما اعتبر ليحصل الوثوق بفعل الوصي ويقبل خبره به، كما يستفاد ذلك من دليله لا في صحة الفعل في نفسه، فلو أوصى