والأقوى الصحة، لما مر، دون ما ذكره الأكثر من الأصل، وعدم شرطية تمليك الأخير في تمليك الأول، وإلا لجاء الدور، والخبر.
لضعف الأول: بالمعارضة بأصالة الفساد إن أريد به أصالة الصحة.
والثاني: بأنا لا ندعي كون تمليك الأخير شرطا، وإنما الشرط بيان المصرف للأخير، ليتحقق معنى الوقف، وهو هنا غير حاصل، فلا يتم صحة الوقف.
والثالث: بقصور السند، وضعف الدلالة من وجوه عديدة.
نعم الاستدلال بالأول حسن إن أريد به العمومات الآمرة بالوفاء بالعقود، وقلنا باشتراط الرضا فيه والقبول.
وأما حجة الثالث مع جهالته وندرته فهي ضعيفة كقوله، فإن غايتها نفي الصحة وقفا، وهو أعم من انتفائها مطلقا، فقد يصح ويكون حبسا، كما قلنا.
ثم إن هؤلاء الجماعة الذين جعلوا الأقوال في المسألة ثلاثة لم يذكروا إلا حجتين، إحداهما: على البطلان مطلقا، والثانية: على الصحة، ولم يذكروا حجة ثالثة تدل على تميز أحد القولين الأولين عن الآخر، وهو أوضح شاهد على أن الأقوال في المسألة اثنان لا ثلاثة، وأن فتوى من حكم بصحة الوقف المراد بها إثبات الصحة في مقابلة من يدعي البطلان بالمرة، لا أن المراد إثباتها من حيث الوقفية دون الحبسية.
وأما تعبيرهم بصحة الوقف ففيه نوع مسامحة، ولعلها لندرة الثمرة في الفرق بين الصحة وقفا وحبسا، وعدم ظهورها إلا في نحو النذر والنية المصححة لمثل هذا الوقف إن كان متعلقها الحبس، والمفسدة له إن كان الوقف، كما مر إليه الإشارة.
هذا، مع أنه صرح أكثر القائلين بالصحة وقفا - على ما نسبه إليهم هؤلاء