حتى أنه في كثير من وقوف الأئمة وفاطمة (عليهم السلام) (1) لم يذكر فيها لفظ الوقف، بل اكتفى بلفظة الصدقة مقرونة بما يدل على إرادة الوقف منه.
فيظهر منها غاية الظهور أن إطلاق الصدقة عليه بعنوان الحقيقة المشتركة. ولا ينافيه احتياجه في الدلالة عليه إلى القرينة، لكونها معينة لا صارفة. وبه يفرق بين لفظ الوقف والصدقة، لاشتراكها بين الوقف والصدقة الخاصة، دون لفظ الوقف.
وحيث ظهر أن إطلاق الصدقة على الوقف حقيقة ظهر دخوله في لفظ الصدقة في ذينك الخبرين، فيدلان على اشتراطه بالقربة، لظهور أقربية نفي الصحة من نفي الكمال، بالإضافة إلى نفي الماهية، حيث يكون إرادته متعذرا. فتأمل.
هذا، ولو سلم مجازية إطلاق الصدقة عليه لكانت النصوص المزبورة دالة أيضا على اشتراط نية القربة، بناء على أن الاستعارة والتشبيه يقتضيان الشركة في الأحكام إما جملة، أو المتبادر منها خاصة.
ولا ريب أن اشتراط (2) القربة في صحة الصدقة من أظهر أحكامها.
وربما يؤيده تأييدا في الجملة اتباع الأئمة (عليهم السلام) وقوفاتهم المأثورة بقولهم:
ابتغاء وجه الله سبحانه (3).
وبالجملة: لا ريب في اشتراط القربة ولا شبهة.
واعلم أنه لا يعتبر قبول البطن الثاني ولا رضاه بلا خلاف أجده، وبه صرح جماعة، لتمامية الوقف قبله، فلا ينقطع، ولأن قبوله لا يتصل بالإيجاب، فلو اعتبر لم يقع له.