لا محذور من جريانها لعدم لزوم الترخيص في المعصية، وليس ما يمنع من أن يجعل الشارع الاحتياط مثلا في محتمل الالزام، كما هو الشأن في كل من الطرفين.
والمقياس الذي ذكرناه في الجريان وعدمه جار في جميع الأصول، إذا كانت نسبتها إلى الأطراف نسبة واحدة من حيث النفي والاثبات، ومن حيث عدم وجود خصوصية تستوجب الجريان في أحد الأطراف دون بقيتها.
أما إذا اختلفت في النفي والاثبات، فإن كان في أحد الأطراف خصوصية تستوجب اختصاصه بجريان الأصل، فالظاهر أنه لا مانع من الجريان وحل العلم الاجمالي به كما يأتي الحديث في ذلك.
نعم، ان هناك تفرقة بين الأصول الاحرازية وغيرها، ذكرها شيخنا النائيني، وفحواها ان الأصول الاحرازية لا تجري في أطراف العلم الاجمالي على كل حال، إذا كانت قائمة على خلاف المعلوم بالاجمال حتى لو قلنا بجريان غيرها من الأصول سواء استلزم جريانها المخالفة القطعية أم لم يستلزم.
وكأن وجهة نظره ما استفاده من لسان جعل الأصول التنزيلية من اعتبار البناء العملي والاخذ بأحد طرفي الشك على أنه هو الواقع.
وهذا النوع من البناء يستحيل اعتباره في مجموع الأطراف لانتهائه إلى التنزيل على خلاف الواقع مع العلم به.
والظاهر أن ما انتهى إليه متين جدا، وليس المنشأ فيه هو إثبات لوازمه ليلزم التكاذب في نظره ليقال في رده: ان الأصل إنما يثبت مؤداه في مورده بلا نظر إلى النفي عن غيره، وغاية ما يترتب على ضم بعض الأصول إلى البعض هو العلم بمخالفة بعضها للواقع، ولا ضير فيه بناء