بها بناء على ظن بقائها، والقاضي يقضي بالملكية في الحال بناء على سند ملكية بتأريخ سابق، ويقضي بالدين في الحال بناء على شهادة شاهدين باستدانة سالفة).
(وهذا كله يدل على أن ما تقضي به الفطرة أن يعتبر ما كان على ما كان حتى يطرأ ما يغيره (1)).
وقد نوقش بهذه السيرة (بأن عملهم على طبق الحالة السابقة على انحاء مختلفة: فتارة يكون عملهم لاطمئنانهم بالبقاء، كما يرسل تاجر أموالا إلى تاجر آخر في بلدة أخرى لاطمئنانه بحياته لا للاعتماد على مجرد الحالة السابقة، ولذا لو زال اطمئنانه بحياته، كما لو سمع انه مات جماعة من التجار في تلك البلدة لم يرسل الأموال قطعا).
(وأخرى يكون عملهم رجاء واحتياطا كمن يرسل الدرهم والدينار إلى ابنه الذي في بلد آخر ليصرفهما في حوائجه، ثم لو شك في حياته فيرسل إليه أيضا للرجاء والاحتياط حذرا من وقوعه في المضيقة على تقدير حياته).
(وثالثة يكون عملهم لغفلتهم عن البقاء وعدمه، فليس لهم التفات حتى يحصل لهم الشك فيعملون اعتمادا على الحالة السابقة كمن يجئ إلى داره بلا التفات إلى بقاء الدار وعدمه)، إلى أن يقول: (فلم يثبت استقرار سيرة العقلاء على العمل اعتمادا على الحالة السابقة (2)).
والظاهر أن هذه المناقشة لا تدفع وجود السيرة. وكونها جارية على وفق الاطمئنان تارة والاحتياط أخرى، والغفلة ثالثة لا يدفع قيامها في غير المواضع المذكورة، ولو رجع الانسان إلى واقعه لوجد نفسه صادرا