الحكم الشرعي، ولا إشكال في أن القطع بالنسبة إلى الموضوع الخارجي يكون طريقا محضا لا يعقل أن يكون له دخل في عنوان ذلك الموضوع، بل عنوان الموضوع أمر واقعي يدور مدار واقعه، وكذا يكون طريقا محضا بالنسبة إلى الحكم الشرعي المترتب على ذلك الموضوع، كما لو فرض أن وجوب الاجتناب رتب شرعا على نفس الخمر الواقعي، فان العلم بالنسبة إليه يكون طريقا محضا، ويكون العلم بالموضوع علما بالحكم بعد العلم بالكبرى الكلية المجعولة شرعا من وجوب الاجتناب عن الخمر.
وأما إذا لم يكن الموضوع الذي تعلق به العلم ذا حكم شرعي بل كان للعلم دخل في الحكم، فهذا يتصور على وجوه: فإنه يمكن أن يكون العلم تمام الموضوع بحيث يدور الحكم مدار العلم وجودا وعدما صادف الواقع أو خالف، كما لو فرض أن وجوب الاجتناب رتب شرعا على العلم بخمرية الشئ سواء صادف العلم الواقع أو خالف.
ويمكن أن يكون العلم جزء الموضوع بحيث يكون للواقع المنكشف بالعلم دخل في ثبوت الحكم أيضا ويكون الموضوع مركبا من العلم والواقع وينتفى الحكم قهرا بانتفاء أحدهما، وعلى كلا التقديرين: يمكن أن يؤخذ العلم موضوعا على وجه الصفتية، ويمكن أن يؤخذ على وجه الطريقية.
بيان ذلك: هو أن العلم لما كان ظاهرا بنفسه مظهرا لغيره وكان من الصفات الحقيقية ذي الإضافة وتكون جهة الحقيقية قائمة بنفس العالم من حيث قيام الصورة بنفسه التي هي المعلوم بالذات - على ما سيأتي الإشارة إلى بيانه - وجهة الإضافة قائمة بذى الصورة التي تكون معلومة بالعرض وبالغير من حيث كونه كاشفا ومظهرا لها، فيمكن أن يؤخذ العلم من الجهة الأولى موضوعا لحكم وهو المراد من أخذه على نحو الصفتية، ويمكن أخذه موضوعا من الجهة الثانية وهو المراد من أخذه على نحو الطريقية والكاشفية، فتكون أقسام القطع المأخوذ في الموضوع أربعة: اخذه تمام الموضوع، أو جزئه، وعلى كلا التقديرين: أخذه على وجه الصفتية، أو الطريقية.