كانت من الأحكام الشرعية، فلأن الأحكام الشرعية (1) مترتبة على موضوعاتها الواقعية لا على ما أدى إليه الطريق، إلا بناء على التصويب الذي لا نقول به.
ومن هنا يظهر: انه لا يصح تأليف القياس الحقيقي من الأدلة الشرعية، بل صورة قياس أشبه بالمغالطة، فقولك " هذا مظنون الخمرية وكل مظنون الخمرية يجب الاجتناب عنه فهذا يجب الاجتناب عنه " قياس صوري لا واقع له، إذ الذي يجب الاجتناب عنه هو الخمر الواقعي لا مظنون الخمرية وإنما كان الظن طريقا شرعيا إلى الخمر، فالظن يكون من قبيل المعرف والواسطة في الاثبات فقط من دون أن يكون واسطة في الثبوت، ومعه لا يصح تأليف القياس الحقيقي منه إلا بنحو من التأويل بعناية جعل الشارع الظن طريقا إلى الخمر ومثبتا له في الظاهر. وهذا بخلاف القطع فإنه لا يصح جعله وسطا بوجه من الوجوه ولا يمكن تأليف القياس منه ولو قياس صوري، إذ تلك العناية التي كانت في الظن لم تكن في العلم، لعدم جعل الشارع العلم طريقا إلى إثبات متعلقه، لما تقدم من أن طريقية القطع غير قابلة لأن تنالها يد