وخبر العسيلة أيضا مروي عندهم كما هو مروي عندنا، فروى غير واحد منهم (1) " أنه جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالت: كنت عند رفاعة، فبت طلاقي، فزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير، فطلقني قبل أن يمسني - وفي رواية: وأنا معه مثل هدية الثوب - فتبسم النبي صلى الله عليه وآله وقال: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته، ويذوق عسيلتك ".
الثالث: أن يكون الوطئ في القبل فلا يكفي في الدبر، وقال في المسالك:
وهو مستفاد أيضا من ذوق العسيلة، فإنه منتف من الجانبين في غير القبل، ولأنه المعهود.
أقول: وفي هذا الكلام تأييد لما أوردناه عليه آنفا من استناده إلى ظاهر الآية في تقوية مذهب الشيخ، مع أنه خلاف المعهود، واستناده إلى الحديث النبوي في شموله المراهق، بدعوى حصول اللذة له فإن اللذة أيضا حاصلة بالجماع في في الدبر، ولم يرتكب ذلك فاعله إلا لما يراه فيه من اللذة، ولكنها لا يبلغ لذة النكاح في القبل، ودعواه - رحمة الله عليه - أنه منتف من الجانبين في غير القبل ممنوعة لما عرفت.
الرابع: كون الوطئ موجبا للغسل، وحده أن تغيب الحشفة أو قدرها من مقطوعها، لأن ذلك هو مناط أحكام الوطئ كلها، قالوا: والفرق بين أن يحصل مع ذلك انتشار العضو وعدمه حتى لو حصل بإدخال الحشفة بالاستعانة، كفى على ما يقتضيه إطلاق النص والفتوى.
ويشكل ذلك بأخبار العسيلة الظاهرة في حصول اللذة بذلك الجماع، ومجرد إدخال المقدار المذكور على هذا الوجه لا يترتب عليه لذة كما لا يخفى، ودعوى اقتضاء إطلاق النص ما ذكروه ممنوع، فإن الاطلاق إنما