في الفقيه (1) أيضا، حيث قال بعد أن أورد طلاق السنة: فجائز له أن يتزوجها بعد ذلك، وسمي طلاق السنة طلاق الهدم، لأنه متى استوفت قروءها وتزوجها ثانية هدم الطلاق الأول. وهو كما ترى ظاهر فيما ذهب إليه ابن بكير، والمشهور في كلام الأصحاب تخصيص الخلاف في هذا المقام بابن بكير، حتى أن شيخنا الشهيد الثاني في الروضة اعترض المصنف في قوله في اللمعة " وقد قال بعض الأصحاب أن هذا الطلاق لا يحتاج إلى محلل بعد الثلاث " - بعد تفسيره البعض المذكور بابن بكير وذكر رواياته - بأن عبد الله بن بكير ليس من أصحابنا الإمامية، ولقد كان ترك حكاية قوله في هذا المختصر أولى.
وفيه أنه يجوز أن يكون المصنف إنما أراد بذلك البعض الصدوق لما عرفت. ثم إنه لا يخفى عليك أن الظاهر أن عبارة الصدوق هنا مأخوذة من كتاب الفقه الرضوي (2) حيث قال (عليه السلام) بعد شرح طلاق السنة: " وسمي طلاق السنة طلاق الهدم، لأنه متى استوفت قروءها وتزوجها الثانية هدم الطلاق الأول - وهي كما ترى عين عبارة الصدوق، ثم قال (عليه السلام): - وروي أن طلاق الهدم لا يكون إلا بزوج ثان " انتهى، وهو إشارة إلى القول المشهور، وفي نسبة ذلك إلى الرواية إيذان بأن الأول هو الذي يختاره ويفتي به (عليه السلام)، ولهذا أفتى به الصدوق - رحمة الله عليه -.
والواجب أولا نقل ما وصل إلينا من أخبار المسألة، ثم الكلام بما يسر الله سبحانه فهمه منها، فمما يدل على القول المشهور صحيحة أبي بصير (3) المتقدمة في سابق هذا الموضع.