الطلاق بقوله طلقت فلانة فكذا فيما هو بمعناه وهو قول " نعم " بالتقريب المذكور، ولأن صحته كذلك تقضي صحة سائر العقود به مثل أن يقول له: هل بعت فلانا؟
فيقول: نعم، وهم لا يقولون به، وإنما خصوا الطلاق بذلك بالرواية.
(وثانيا) أنه لا يلزم من تضمن نعم معنى السؤال أن يكون بمنزلة لفظه من كل وجه، وقائما مقامه من جميع الوجوه، ولذا قال في المسالك: إنا لو جوزنا وقوعه بلفظ طلقت فلانة لا يلزم منه جواز وقوعه بلفظ نعم، للفرق بين الملفوظ والمقدر في صيغ العقود والايقاعات.
(وثالثا) عدم صراحة الرواية في كون نعم مقصودا بها الانشاء، فيحتمل الأخبار، وأنه سأل عن إيقاع طلاق سابق، فأجاب بنعم، وأتى بالسبب الموجب للحكم عليه بالطلاق، وهو اعترافه به. قال في المختلف بعد الطعن في الرواية بضعف السند، مع أن الشيخ قال في المبسوط: يلزم الطلاق، فإن كان صادقا لزمه باطنا وظاهرا، وإن كان كاذبا لزمه في الحكم، وهذا دليل على أنه جعله إقرارا بالطلاق لا انشاء، وتحمل الرواية على أنه أتى بالسبب الموجب للحكم عليه بالطلاق. انتهى، وهو ظاهر فيما قلناه.
ثم إن العلامة في المختلف احتج أيضا برواية البزنطي المتقدمة أيضا الدالة على حصر صيغ الطلاق في قوله: أنت طالق، قال في المسالك - بعد نقل ذلك عنه -:
وهذه الرواية أوضح دلالة على تخصيص أنت طالق من بين الصيغ المتنازع في وقوعه بها، وهي سالمة من إضافة ما تقدم في رواية محمد بن مسلم أو يقول لها اعتدي، ولو صحت لكانت أجود في الدلالة على نفي تلك الأقوال، انتهي.
أقول: لا يخفى أن الكتاب المذكور من الأصول المشهورة والكتب المأثورة، والرواية صحيحة باصطلاح أصحابنا المتقدمين الذي عليه العمل دون هذا الاصطلاح المحدث فيثبت بها المدعى، والعلامة مع كونه أصل هذا الاصطلاح المحدث قد اعتمد عليها، واستدل بها في المقام.
وبالجملة فالأقرب في المسألة هو ما ذهب إليه ابن إدريس إلا إذا علمنا أنه