المذكورة كما لا يخفى على المتأمل المنصف.
وأما ورود لفظ السراح والفراق في القرآن بمعنى الطلاق فالظاهر في الجواب عن ذلك أن يقال: لا يخفى أن جل الآيات القرآنية وجملة الأخبار الواردة في السنة المطهرة إنما اشتملت على التعبير عن هذه الفرقة المخصوصة بلفظ الطلاق، وظاهرها أن هذا هو اللفظ الحقيقي الموضوع لهذا المعنى، وأن ما عداه من لفظ السراح والفراق ونحوهما إنما أطلقا مجازا أو كناية عنه في مقام المحاورة، فلا يلزم من صحة صيغته بالطلاق صحة صيغته بهما، لأن الصيغة أمر آخر متوقف على التوفيق والسماع من الشارع كما عرفت، ومقتضى ذلك الاكتفاء في صيغة الطلاق، بكل لفظ من هذه المادة، إلا أنك قد عرفت أنه حيث كان النكاح عصمة شرعية، فيجب استصحابها إلى أن يثبت المزيل لها شرعا، والذي علم من الأخبار المتقدمة بالتقريب المتقدم إنما هو لفظ مخصوص من هذه المادة، لا كل لفظ منها، فيجب الوقوف على ما علم كونه مزيلا، وتخصيص ما ذكرنا من العموم بذلك.
وثانيها: أنه لا يخفى أن ما دلت عليه الأخبار المتقدمة من عدم الاكتفاء بتلك الألفاظ في صحة الطلاق من قوله " خلية أو برية " ونحوهما مما لا خلاف بين أصحابنا فيه نوى بهما الطلاق أو لم ينو، وإنما الخلاف هنا من العامة حيث حكموا بوقوع الطلاق بها مع نيته، والوجه في ذلك أن أصحابنا يشترطون في صحة الطلاق صراحة اللفظ الدال عليه، فلا يجوز بالمشترك الدال عليه وعلى غيره، والظاهر أن مرادهم باشتراط النية فيه مع كون القصد إلى الطلاق شرطا في صحته - وإن كان باللفظ الصريح كما تقدم ذكره - هو أن الكناية لا يحكم بوقوع الطلاق بها إلا من العلم بإرادة الطلاق بخلاف الصريح، فإن الحكم بوقوع الطلاق لا يتوقف على ذلك، وإن كان القصد إلى الطلاق معتبرا فيه أيضا.
وتوضيح ذلك ما أفاده شيخنا الشهيد الثاني في المسالك حيث قال: وهذه