أن يتزوج المرأة وقد طلقت ثلاثا فأراد رجل أن يتزوجها، كيف يصنع فيها؟
قال: يدعها حتى تطهر، ثم يأتي زوجها ومعه رجلان يقول: قد طلقت فلانة؟ " الحديث كما في سابقه.
وعن حفص بن البختري (1) في الموثق عن أبي عبد الله (عليه السلام) " في رجل طلق امرأته ثلاثة، فأراد رجل أن يتزوجها، كيف يصنع؟ قال: يأتيه فيقول: طلقت فلانة؟ فإذا قال نعم تركها ثلاثة أشهر، ثم خطبها إلى نفسه ".
أقول: قد اشتركت هذه الأخبار مع تعددها وقوة أسانيدها في الدلالة على وقوع الطلاق بلفظ نعم بعد السؤال عن أنه هل طلق أم لا، وأن ذلك يقع طلقة واحدة بقرينة الأمر بإحضار الشاهدين بسماع ذلك، وإيجاب العدة بعد سماع ذلك من الزوج. ومن الظاهر البين الظهور أن لفظ نعم هنا إنما وقع جوابا للسؤال عن طلاق سابق، وأن الزوج المخبر بقوله نعم إنما قصد ذلك، لا أنه قصد الانشاء، لأن المفروض في الأخبار أنه مخالف، وقد طلقها بمقتضى مذهبه، واللازم من ذلك صحة الطلاق الثاني من غير اعتبار قصد الانشاء، وفيه رد على الأصحاب فيما ادعوه من وجوب قصد الانشاء في صحة الطلاق، فإنه (عليه السلام) قد حكم بصحة الطلاق في هذه الأخبار مع معلومية قصد الأخبار كما عرفت، وهذا مما يؤكد ما قدمنا ذكره في غير موضع سيما في كتب المعاملات من أنه ينبغي أن يكون المدار على ما ترد به الأخبار وإن خالف ذلك مقتضى قواعدهم المقررة وضوابطهم المعتبرة.
ولو ادعى إرادة الانشاء بعد التلفظ بهذا القول فمقتضى قواعد الأصحاب وبه صرح بعضهم قبول قوله، لأنه منوط بنيته، ولا يمكن استعلام ذلك إلا منه كما تقدم مثله مرارا.