بل بالقياس الذي منعته الشريعة، ولم يقل به من المتأخرين إلا هذان الفاضلان كما عرفت، وإلا فغيرهما من المحقق والعلامة وغيرهما كلهم على القول المشهور.
وكيف كان فإن التحقيق في المقام بناء على ما هو المختار عندنا من العمل جميع الأخبار، هو رد هذه الأخبار المتقدمة بعضها إلى بعض، وحمل مطلقها على مقيدها، ومجملها على مفصلها، وارتكاب التأويل في الروايتين المذكورتين بقرينة ما دلت عليه الروايات الأخر، وأن قوله (عليه السلام) في صحيحة محمد بن قيس أو حسنته " يرسل إليها اعتدي، فإن فلانا قد طلقك " ظاهر في أن هذه الرسالة إخبار عن طلاق سابق، وأمر لها بالاعتداد منه، لا أن " اعتدي " هي صيغة الطلاق وهو بحمد الله سبحانه ظاهر لا سترة عليه، وحاصل معنى الخبر أن يطلق الرجل امرأته عند كل طهر ثم يرسل إليها.. إلخ. ونحوه رواية عبد الله بن سنان، وقوله (عليه السلام) " يرسل إليها فيقول الرسول اعتدي فإن فلانا قد فارقك " والرواية الأولى منهما صحتها أو حسنتها - إنما هو بإبراهيم بن هاشم الذي في سند ذينك الخبرين، واعتبارهما إنما هو به، فيجب عليهم قبولها لذلك. وتعضدها رواية البزنطي، ودلالتها على الحصر في قوله " أنت طالق " وهي صريحة في المدعى. وحينئذ فيجب حمل إطلاق خبري الحلبي ومحمد بن مسلم فيما دلا عليه من أن " اعتدي " صيغة الطلاق على هذين الخبرين من تقدم الطلاق، وأن قوله " اعتدي " إنما هو إخبار عن تقدم طلاق، وأمر لها بالاعتداد منه حسبما ذكره الشيخ - رحمة الله عليه - وظاهر كلام الكليني المتقدم نقله وقوع الخلاف بين أصحاب الأئمة (عليهم السلام) يومئذ، فمذهب محمد بن أبي حمزة القول بأن " اعتدي " من صيغ الطلاق، ومذهب الحسن بن سماعة الذي رواه عن بكير بن أعين هو أن الصيغة إنما هي " أنت طالق "، وفي المسالك ذكر أنه عبد الله بن بكير بن أعين وطعن فيه، والذي في الكافي إنما هو بكير الممدوح المعدود حديثه في الحسن، وما ذكره من