فقد بانت منه وهو خاطب من الخطاب، وعليه نفقتها في تلك الثلاثة الأشهر التي تقعد فيها ".
وأنت خبير بأن قوله (عليه السلام) أولا " يطلقها بالأهلة والشهور " أي بالأهلة مع معلوميتها، أو العدد مع عدم المعلومية المؤذن بتعدد الشهور لا يخلو من مدافعة لقوله ثانيا " إذا مضى له شهر لا يصل إليها فيطلقها " المؤذن بكون مدة التربص شهرا خاصة، إلا أن يحمل على أن أقل ذلك شهر وأكثره ثلاثة أشهر، فتحمل الثلاثة على الاستحباب.
والظاهر أنه إلى ذلك يشير كلام الشيخ في النهاية حيث قال: ومتى كان للرجل زوجة معه في البيت غير أنه لا يصل إليها فهو بمنزلة الغائب عن زوجته، فإذا أراد طلاقها فليصبر إلى يمضي ما بين شهر إلى ثلاثة أشهر ثم يطلقها إن شاء.
والقول بهذا الحكم والاستدلال عليه بالخبر المذكور مما جرى عليه من تأخر عن الشيخ، إلا ابن إدريس فإنه اعترضه في ذلك، فقال: الذي يقتضي أصول مذهبنا وإجماعنا منعقد عليه أنه لا يجوز للحاضر أن يطلق زوجته المدخول بها وهي حائض بغير خلاف، وحمل الحاضرة في البلد على تلك قياس، وهو باطل عندنا، والأصل الزوجية، فمن أوقع الطلاق يحتاج إلى دليل قاهر، وما ذكره شيخنا خبر واحد أورده إيرادا لا اعتقادا كما أورد أمثاله مما لا يعول عليه ولا يعرج عليه، ولولا إجماعنا على طلاق الغائب وإن كانت زوجته حائضا لما صح، فلا نتعداه ولا نتخطاه، انتهى.
ورده العلامة في المختلف فقال: والمعتمد قول الشيخ، لنا أن المقتضي معلوم الثبوت والمعارض لا يظن ثبوته، بل يظن عدمه فيثبت الحكم، أما وجود المقتضي فلأن لفظ الطلاق موضوع شرعا للبينونة وسبب تام فيها وقد وجد، وأما انتفاء المعارض فلأنه ليس إلا الحيض وهو غير معلوم الثبوت بل مظنون العدم،