وقوع الصوم الواجب سفرا بقرينة الإقامة وصحته وهو غير جائز اجماعا الا ما استثنى من الصوم المنذور على وجه وما يماثله وليس هذا منه فثبت الأخير وهو عدم انقطاع الإقامة بالرجوع عنها بعد الزوال سواء سافر حينئذ بالفعل أم لم يسافر إذ لا مدخل للسفر في صحة الصوم وتحقق الإقامة بل حقه ان تحقق عدمها وقد عرفت عدم تأثيرها فيها فإذا لم يسافر بقى على التمام إلى أن يخرج إلى المسافة وهو المطلق ويرد عليه انا لا نسلم وجوب اتمام الصوم والحال هذه فان المتبادر من الأخبار المذكورة الخروج من بلده أو غيره مما يجب عليه الاتمام بان يكون خروجه مبدأ انشاء السفر وذلك في محل النزاع ممنوع بل هو أول البحث ولو سلم وجوب الاتمام فلا يلزم منه عدم انقطاع نية الإقامة ولا محذور في وقوع الصوم الواجب في السفر إذا كان بعضه في حال الإقامة إذ لا دليل على امتناع ذلك فان قيل لو سلم وجوب اتمام الصوم يلزم وجوب اتمام الصلاة لقول الصادق (ع) في صحيحة معاوية بن وهب إذا قصرت أفطرت ويعلم منه بحكم عكس النقيض ان عدم جواز الافطار يقتضي عدم جواز التقصير لأنا نقول عموم الرواية المذكورة غير واضح كما يظهر من التدبر في سياق الخبر وعلى تقدير التسليم فدلالة صحيحة أبي ولاد على عموم الحكم أوضح فارتكابه التخصيص في صحيحة معاوية أقرب ولو سلم عدم الا وضحية فلا خفاء في أن النسبة بين مدلول صحيحة أبي ولاد وما يفهم من صحيحة معاوية بن وهب بطريق عكس النقيض عموم من وجه وكل منهما (قد؟) للتخصيص فالترجيح يحتاج إلى دليل وقد يفهم من كلام بعضهم ترجيح رواية أبي ولاد ترجيحا للمنطوق على المفهوم وفيه تأمل لان دلالة صحيحة معاوية على ما ذكر ليس من باب المفهوم وابقاء صحيحة أبي ولاد على عمومها يستلزم التخصيص في منطوق صحيحة معاوية بن وهب كما لا يخفى على المتدبر الثاني الأظهر انه لا يلحق بالصلاة الفريضة الصوم المندوب لما مر في الصوم الواجب بل الحكم ههنا أولي وقوى الشارح الفاضل اللحوق ان منعنا الصوم المندوب في السفر لأنه أمر لا يتم الا بدون الإقامة وهو ضعيف الثالث الظاهر أنه لا يعتبر في الصلاة القاطعة لحكم السفر ان يكون فريضة فلو رجع عن نية الإقامة بعد صلاة نافلة فإن كانت ثابتة في السفر فلا ريب في عدم تأثيرها كنافلة المغرب والا ففيه قولان أظهرهما عدم التأثير كما هو مختار جماعة من الأصحاب منهم الشهيد في الذكرى عملا بمدلول الرواية وذهب المصنف في النهاية إلى الاجتزاء بها وقواه الشارح الفاضل الرابع لو لم يكن صلى الفريضة ثم رجع عن نية الإقامة عاد إلى القصر سواء دخل وقت الصلاة أم لا وسواء فاته وقت الصلاة أم لا سواء كان الترك عمدا أو سهوا التعليق الحكم بالصلاة الفريضة ولم يتحقق وقطع المصنف في التذكرة بكون الترك كالصلاة نظرا إلى استقرارها في الذمة تماما وتبعه المدقق الشيخ علي واستشكله المصنف في النهاية والشهيد في الذكرى ولو كان الترك لعذر مسقط للقضاء كالجنون والحيض فالظاهر أنه كمن لم يصل قولا واحدا الخامس تعبير كون الصلاة تماما فلا يكفي المقصورة قطعا وهل يشترط كون التمام بنية الإقامة فلا يكفي التمام سهوا الا قبل نية الإقامة فيه وجهان ولعل الترجيح للاشتراط عملا بظاهر صحيحة أبي ولاد ولو نوى الإقامة ثم صلى تماما لشرف البقعة ذاهلا عن نية الإقامة ثم رجع عن الإقامة فالظاهر أنه يكفي في قطع السفر لعموم الرواية ولو نوى الإقامة عشرا في أثناء الصلاة (الصورة) فأتمها ففي الاجتزاء بها وجهان السادس ظاهر الرواية ان المعتبر اتمام الصلاة فلو شرع في الصلاة بنية الإقامة ثم رجع عن الإقامة في أثنائها لم يكف وإن كان بعد ركوع الثالثة وهو ظاهر المصنف في المنتهى وتردد فيه المحقق في المعتبر ونقل المصنف في التذكرة والخلاف بمجاوزة محل القصر وعدمه وحكى عن المصنف وغيره الاكتفاء بها إذا كان الرجوع بعد ركوع الثالثة وانهم اختلفوا إذا كان الرجوع بعد القيام إلى الثالثة ولو خرج قاصد المسافة إلى موضع يحصل فيه الخفاء المعهود ولم يكن قد بلغ المسافة وصلى مقصرا ثم رجع عن السفر فقطع سفره بمجرد الرجوع لم يعد ما صلى قصرا وقد مر بيان ذلك في تحقيق الشرط الثالث ولو كان الرجوع والتردد بعد بلوغ المسافة بقى على القصر إلى أن يقصد إقامة عشرة أيام أو يمضى عليه ثلاثون يوما ترددا قال الشارح وهل يحتسب من الثلاثين ما تردد إلى دون المسافة أو يسلكه من غير قصدها وان بلغها فيه نظر من وجود حقيقة السفر فلا يضر التردد ومن اخلال القصد وتوقف في الذكرى ومع اجتماع الشرائط الستة المبينة يجب التقصير وجوبا متعينا وهذا معنى قول الأصحاب ان التقصير عزيمة لا رخصة وهذا الحكم ثابت في جميع الأزمنة الا في حرم الله تعالى وحرم رسوله ومسجد الكوفة والحائر فان الاتمام فيها أفضل من التقصير اختلف الأصحاب في هذه المسألة فذهب الأكثر إلى ثبوت التخيير في المواضع الأربعة بين القصر والاتمام وان الاتمام أفضل ونسبه المحقق إلى الثلاثة واتباعهم وقال ابن بابويه يقصر ما لم ينو المقام عشرة
(٤١٢)