رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ٧ - الصفحة ٥٣
ونبهني من رقدة الغافلين وسنة المسرفين ونعسة المخذولين وخذ بقلبي إلى ما استعملت به القانتين، واستعبدت به المتعبدين
____________________
فإن قلت: كيف عبر بالماضي فقال: «من منعني» وكان الأنسب بهذا المعنى أن يعبر بالمستقبل فيقول: «من يمنعني»؟.
قلت: هو من باب التعبير بالفعل عن إرادته، أي من أراد منعي كقوله تعالى:
وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا (1) أي أردنا إهلاكها، وقول الشاعر:
* فارقنا قبل أن نفارقه * أي أراد فراقنا (2).
وذلك أن الاستدراج لا يكون بعد المنع بل بعد إرادته كما ان مجيء البأس لا يكون بعد الإهلاك بل بعد إرادته ومما يدل على ذلك صريحا.
ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام: إذا أراد الله بعبد خيرا فأذنب ذنبا أتبعه بنقمة ويذكره الاستغفار، وإذا أراد بعبد شرا فأذنب ذنبا أتبعه بنعمة لينسيه الاستغفار ويتمادى بها، وهو قول الله تعالى: سنستدرجهم من حيث لا يعلمون (3).
وهو صريح في أن الاستدراج بعد إرادة الشر الذي هو عبارة عن منع الخير.
هذا وقد طويت كشحا عن بيان ما في أقوال الأصحاب المذكورة من الوهن والبعد عن المقصود، ووكلت ذلك إلى ذوق أولي الإنصاف بعد اطلاعهم على ما شرحته وبينته والله يقول الحق وهو يهدي السبيل *.
نبهه من نومه تنبيها: أيقظه.
والرقدة: فعلة من الرقاد، وهو النوم، وقيل: هو المستطاب من النوم القليل.

(١) سورة الأعراف: الآية ٤.
(٢) مغني اللبيب: ص ٩٠٤.
(٣) الكافي: ج ٢ ص ٤٥٢ ح 1.
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست