رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ٧ - الصفحة ٣٢٣

____________________
لو دنونا من أحدها لأحرقتنا سبحات وجه ربنا (1).
وقد تقدم في الروضة الثالثة كلام مبسوط على الحجب وذكرنا ما ورد فيها من الأخبار ونقلنا مجمل ما قيل في هذا الحديث فمن أراده فليرجع إليه (2).
قوله عليه السلام: «إلا رحمت هذه النفس الجزوعة» هذا جواب القسم صدرت جملته بإلا الاستثنائية لقصد المبالغة كقول الشاعر:
* بالله ربك إلا قلت صادقة * والاستثناء مفرغ والمستثنى في محل نصب على المفعولية به، والمعنى: ما أسألك إلا رحمتك فالمثبت لفظا منفي معنى ولذلك تأتي التفريغ، ووجهه إنك إذا قسمت (3) على غيرك قسم طلب فقد ضيقت عليه الأمر في فعل مطلوبك فكأنك قلت: ما أطلب منك إلا فعلك، فالفعل الماضي في هذا التركيب مؤول بالمصدر لتأتي (4) المفعولية، وإنما جعل فعلا ماضيا لقصد المبالغة في الطلب حتى كأن المخاطب فعل ما طلب منه وصار ماضيا.
فإن قلت: تأويل الفعل بالمصدر بدون سابك ليس قياسا فيلزم الشذوذ مثل تسمع بالمعيدي (5) برفع الفعل، أي سماعك وادعاء الشذوذ هاهنا غير متأت لاطراد مثل التركيب وفصاحته.
قلت: لا نسلم أن تأويل الفعل بالمصدر وبدون حرف مصدري شاذ مطلقا، وإنما يشذ إذا لم يطرد في باب، أما إذا طرد في باب واستمر فيه فلا يكون شاذا كالجملة التي يضاف إليها اسم الزمان مثلا: نحو: جئتك يوم ركب الأمير: أي يوم

(١) بحار الأنوار: ج ٥٨ ص ٤٥. والنهاية لابن الأثير: ج 2 ص 332.
(2) انظر الجزء الثاني: ص 29.
(3) «الف»: أقسمت.
(4) «الف»: لتتأني.
(5) مغني اللبيب: ص 364 و 559 و 772 و 839.
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 317 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»
الفهرست