____________________
وكما يترتب الثواب على القسم الثاني كذا يترتب على القسم الأول إذا وقع في محله ابتغاء لوجه الله، يدل على ذلك أن الله جل اسمه لعن في كتابه العزيز في عدة آيات، وأمر باللعن في بعضها، كقوله تعالى (1): فلعنة الله على الكافرين (2) لعنهم الله في الدنيا والآخرة (3) أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا (4) أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين (5) أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون (6) واللاعنون الذين يتأتى منهم اللعن، ويعتد بلعنهم من الملائكة وصالحي الثقلين، ولاخفاء في ان المراد بقوله سبحانه: والملائكة والناس أجمعين (7) وبقوله: ويلعنهم اللاعنون (8) أمر الملائكة والناس واللاعنين بلعن من لعنهم كقوله: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء (9) إذ لا معنى لكون ذلك إخبارا منه سبحانه إذ لا فائدة فيه حينئذ، ولأنه لو كان خبرا لم يكن مطابقا للواقع، إذ ليس الحال في الواقع كذلك وعدم المطابقة في خبره جل شأنه محال، وقد تكرر ذكر اللعن في كلامه تعالى على وجه أفاد أنه من أحب العبادات إليه، وكفى به شرفا أنه سبحانه جعله وسيلة إلى إثبات دعوى النبوة، وحجة على الجاحدين لها في المباهلة لنصارى نجران، حيث قال سبحانه: ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين (10) ولذلك انقطعوا ولجأوا إلى الصلح وبذل الجزية ولم يجدوا إلى تراود القول سبيلا، وكذا جعل اللعان بين الزوجين مسقطا للحد عنها وموجبا لنفي الولد عن الملاعن بحيث لا ينسب إليه أبدا، وربما أوجب الحد على المرأة إذا نكلت من غير شهود ولا بينة، وهذا دليل واضح على اعتنائه