رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ٧ - الصفحة ٣٧٦
سبحانك لا ينقص سلطانك من أشرك بك وكذب رسلك وليس يستطيع من كره قضاءك أن يرد أمرك ولا يمتنع منك من كذب بقدرتك ولا يفوتك من عبد غيرك ولا يعمر في الدنيا من كره لقاءك.
____________________
مزيد رغبة ورهبة وكلما ازدادت الرغبة والرهبة اشتد الخضوع والخشوع للمرغوب إليه والمرهوب منه، وهي مقدمة جلية ولذلك قال تعالى في وصف أنبيائه: إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين (1).
قوله عليه السلام: «وأهونهم عليك من أنت ترزقه وهو يعبد غيرك»: أي أكثرهم هوانا عليك من أنت ترزقه لا غيرك، والحال إنه يعبد سواك، وذلك أن ما خلق له الإنسان إنما هو طاعته تعالى وعبادته كما قال سبحانه: وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون (2) فإذا عبد غيره وهو يأكل خيره كان أهون عليه تعالى حتى من البهائم فإنها صارفة لقواها فيما خلقت له ولذلك قال تعالى: قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم (3) أي: أي اعتداد يعتد بكم وأي وزن وقدر لكم عنده لولا عبادتكم له وطاعتكم إياه وإيمانكم به.
قال العلامة الطبرسي: وفي هذا دلالة على أن من لا يعبد الله ولا يطيعه فلا وزن له عند الله (4).
أي: أنزهك تنزيها عما لا يليق بعظمة (5) شأنك من الأمور التي من جملتها أن يؤثر في نقصان ملكك إشراك من لم يوحدك وتكذيب من لم يصدق رسلك وهو تنزيه له تعالى عن أحوال ملوك الدنيا إذ كان كمال سلطان أحدهم بزيادة جنوده وكثرة مطيعيه وقلة المخالف والمعاصي له ونقصان ملكه بعكس ذلك وهو سبب تسلط أعدائه عليه وطمعهم فيه، وأما سلطانه تعالى فلما كان لذاته غالبا

(1) سورة الأنبياء: الآية 90.
(2) سورة الذاريات: الآية 57.
(3) سورة الفرقان: الآية 77.
(4) مجمع البيان: ج 7 - 8 ص 182.
(5) «الف» بعظمته.
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»
الفهرست