رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ٧ - الصفحة ٤٣٥

____________________
به حق اليقين» وهو أعلى المراتب وقد مثلوه في مراتبه المذكورة بمراتب معرفة النار فالعلم بالنار بتوسط النور، أو الدخان هو علم اليقين، والعلم بها بمعاينة جرمها المفيض للنور هو عين اليقين، والعلم بها بالوقوع فيها ومعرفة كيفيتها التي لا تظهر بالتعبير هو حق اليقين.
وبالجملة فعلم اليقين يحصل بالبرهان والحجة وعين اليقين بالكشف والشهود، وحق اليقين بالحال والاتصال المعنوي الذي لا يدرك بالتعبير، وانتصاب حق اليقين بالمصدرية والعامل فيه استيقن كقوله تعالى: لترونها عين اليقين (1).
و «الباء» من قوله: «استيقن به» زائدة في المفعول، لأنه يقال: استيقنه كما قال تعالى: واستيقنتها أنفسهم (2) فزيدت «الباء» للتأكيد.
قال في القاموس: يقن الأمر كفرح يقنا، ويحرك وأيقنه، وبه تيقنه استيقنه وبه علمه وتحققه (3)، انتهى.
وحملها بعضهم على السببية وهو وهم، وإيثار التعبير باستيقن للمبالغة.
قال صاحب الكشاف: الاستيقان أبلغ من الإيقان (4).
وقوله عليه السلام: «في نفاذ أمرك» لغو متعلق باستيقن، أي أيقن به في نفاذ أمرك حق اليقين، ويجوز كونه مستقرا على أنه نعت ثاني (5) ليقينا المعطوف على العمل أو حال منه لتخصصه (6) بالوصف بالجملة أي كائنا في نفاذ أمرك، والظرفية مجازية.
ونفاذ الأمر: جريانه ووقوعه، يقال: نفذ أمره وقوله: ينفذ نفوذا من باب - قعد - ونفاذا: إذا مضى وجرى وأطيع ولم يستطع رده. والمراد بأمره تعالى هنا حكم

(١) سورة التكاثر: الآية ٧.
(٢) سورة النمل: الآية ١٤.
(٣) القاموس المحيط: ج ٤ ص ٢٧٨.
(4) تفسير الكشاف: ج 3 ص 352.
(5) «الف»: ثان.
(6) «الف»: لتخصيصه.
(٤٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 ... » »»
الفهرست