رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ٧ - الصفحة ٣١١
ولو أن أحدا استطاع الهرب من ربه لكنت أنا أحق بالهرب منك، وأنت لا تخفى عليك خافية في الأرض ولا في السماء إلا أتيت بها وكفى بك جازيا وكفى بك حسيبا، اللهم إنك طالبي إن أنا هربت ومدركي إن أنا فررت، فها أنا ذا بين يديك خاضع ذليل راغم، إن تعذبني فإني لذلك أهل وهو يا رب منك عدل وإن تعف عني فقديما شملني عفوك وألبستني عافيتك.
____________________
الكل باعتبار أن أكثر ظهور أفعال النفس باليد أي لطرحت نفسي، كقوله تعالى:
ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة (1) أي لا تطرحوا أنفسكم وتوقعوها في الهلاك وقيل: المراد لا تلقوا أنفسكم إلى التهلكة بأيديكم فحذف المفعول، والباء للآلة كما في: كتبت بالقلم، وعليه فتقدير عبارة الدعاء: «لألقيت نفسي بيدي»، قال بعضهم: الإلقاء باليد: عبارة عن الاستسلام للوقوع في الهلكة، وقيل: معنى ألقيت بيدي: أهلكت نفسي لأن طرح الشيء وعدم الاعتداد به يفضى (2) إلى هلاكه، وعلى كل تقدير فالمراد بقوله عليه السلام: «لألقيت بيدي»: لآيست من رحمتك وعفوك إذ كان اليأس من رحمته تعالى هو الهلاك الأكبر.
وبهذا المعنى فسر البراء بن عازب وعبيدة السلماني قوله تعالى: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة قالا: عنى به لا تركبوا المعاصي باليأس عن المغفرة، نقله أمين الإسلام الطبرسي في مجمع البيان (3)، والله أعلم.
«لو»: شرطية.
وأحد: أصله وحد، فأبدلت الواو همزة ويقع على الذكر والأنثى، وهو هنا بمعنى إنسان أو بمعنى واحد، ويجوز أن يكون بمعنى شيء عند من أجاز وقوعه بهذا

(1) سورة البقرة: الآية 195.
(2) «الف»: يقتضي.
(3) مجمع البيان: ج 1 - 2 ص 289.
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»
الفهرست