في البر، فلابد أن تكون الرتبة الثانية أخفض من الأولى، وكذا الثالثة أخفض من الثانية. فلا تكون رتبة الأب مشتملة على ثلث البر، وإلا لكانت الرتب مستوية، وقد ثبت أنها مختلفة. فنصيب الأب أقل من الثلث قطعا، أو أقل من الربع قطعا، فلا يكون ذلك الحكم صوابا.
الثاني: أن حرف العطف يقتضي المغايرة: لامتناع عطف الشئ على نفسه، وقد عطف الام على الام.
الثالث: أن السائل إنما سأل ثانيا عن غير الام، فكيف يجاب بالأم، والجواب يشترط فيه المطابقة؟!
وأجاب عن هذين (1): بأن العطف هنا محمول على المعنى، كأنه لما أجيب أولا بالأم، قال: فلمن أتوجه ببري بعد فراغي منها؟
فقيل له: للام. وفي مرتبة ثانية دون الأولى، كما ذكر أولا.
فالأم المذكورة ثانيا هي المذكورة أولا بحسب الذات، وإن كانت غيرها بحسب العرض، وهو كونها في الرتبة الثانية من البر. وإذا تغايرت الاعتبارات جاز العطف، مثل: (زيد أخوك وصاحبك ومعلمك).
وأعرض عن الأول، كأنه يرى أن لا جواب عنه، ثم تبجح به (2).
قلت: قوله: السؤال ب (أحق) ليس عن أكثر الناس استحقاقا بحسن الصحابة بل عن أعلى رتب حسن الصحابة، فالعلو منسوب إلى المبرور، على تفسيره حسن الصحابة بالبر، لا إلى نفس البر. مع أن قوله: نقص رتبة الفريق الثاني عن الفريق الأول، مناف لكلامه