منكم فان شهدوا فأمسكوهن في البيوت) فكانت المرأة إذا زنت تحبس في البيت حتى تموت ثم أنزل الله تعالى بعد ذلك (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) وان كانا محصنين رجما فهذا السبيل الذي جعل الله لهما، قال ابن عباس:
وقوله تعالى: (واللذان يأتيانها منكم فآذوهما) فكان الرجل إذا زنى أوذي بالتعيير وضرب النعال فأنزل الله تعالى بعد هذا (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) فان كانا محصنين رجما في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم * نا أبو سعيد الجعفري نا محمد بن علي الأدفوي نا أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل ثنا أحمد بن محمد أنا سلمة - هو ابن شبيب - نا عبد الرزاق نا معمر عن قتادة في قول الله تعالى: (فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا) قال: نسختها الحدود، وقال قتادة أيضا:
في قوله تعالى: (والذان يأتيانها منكم فآذوهما) نسختها الحدود * قال أبو محمد رحمه الله: وهذا هو القول الصحيح لان قوله تعالى: (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم) إلى قوله: (فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا) إنما فيه حكم النساء فقط وليس فيها حكم الرجال أصلا، ثم عطف الله تعالى عليها متصلا بها قوله تعالى: (واللذان يأتيانها منكم فآذوهما) فكان هذا حكما زائدا للرجال مضافا إلى ما قبله من حكم النساء ولا يجوز البتة أن يقال في شئ من القرآن إنه منسوخ بكذا ولا أنه ناسخ لكذا الا بيقين لأنه اخبار عن مراد الله تعالى ولا يمكن أن يعلم مراد الله تعالى منا الا بنص قرآن أو سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنها بوحي من الله تعالى أو باجماع متيقن من جميع الصحابة رضي الله تعالى عنهم قالوه عن توقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم على ذلك أو بضرورة وهو أن يتيقن تأخير أحد النصين بعد الآخر ولا يمكن استعمالهما جميعا فندري حينئذ بيقين أن الله تعالى أبطل حكم الأول بالنص الآخر، وكذلك ما جاء عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ولا فرق، فمن أخبر عن مراد الله تعالى منا بشئ من دين الله تعالى بغير أحد هذه الوجوه فقد أخبر عن الله تعالى بما لا علم له وهذا هو الكذب على الله تعالى بلا شك أخبر عنه بما لم يخبر به تعالى عن نفسه فصح يقينا أن حكم النساء الزواني كان الحبس في البيوت حتى يمتن أو يجعل الله لهن سبيلا بحكم آخر وان حكم الرجال الزناة كان الأذى هذا ما لا شك فيه عند أحد من الأمة ثم نسخ هذا كله بالحدود بلا خلاف من أحد من الأمة وليس معنا يقين بأن حبس الزواني من النساء نسخ بالأذى، ثم نسخ عنهن الأذى بالحد هذا ما لم يأت به قرآن ولا سنة