أو على مصلحة كمسجد أو حج لم يفتقر إلى قبول ولزمت بمجرد الموت لأن اعتبار القبول من جميعهم متعذر فيسقط اعتباره كالوقف عليهم ولا يتعين واحد منهم فكيتفى بقبوله، ولذلك لو كان فيهم ذو رحم من الموصى به مثل أن يوصي بعبد للفقراء وأبوه فقير لم يعتق عليه ولان الملك لا يثبت للموصى لهم بدليل ما ذكرنا من المسألة وإنما ثبت لكل واحد منهم بالقبض فيقوم قبضه مقام قبوله، أما الآدمي المعين فيثبت له الملك فيعتبر قبوله لكن لا يتعين القبول باللفظ بل يجزئ ما قام مقامه من الاخذ والفعل الدال على الرضا كقولنا في الهبة والبيع، ويجوز القبول على الفور والتراخي ولا يكون الا بعد موت الموصي لأنه قبل ذلك لم يثبت له حق ولذلك لم يصح رده فإذا قبل ثبت الملك له من حين القبول في الصحيح من المذهب وهو قول مالك وأهل العراق وروي عن الشافعي وذكر أبو الخطاب في المسألة وجها آخر انه إذا قبل تبينا ان الملك يثبت حين موت الموصي وهو ظاهر ظاهر مذهب الشافعي لأن ما وجب انتقاله بالقبول وجب انتقاله من جهة الموجب عند الايجاب كالهبة والبيع ولأنه لا يجوز أن يثبت الملك فيه للوارث لأن الله تعالى قال (من بعد وصية يوصي بها أو دين) ولان الإرث بعد الوصية ولا يبقى للميت لأنه صار جمادا لا يملك شيئا، وللشافعي قول ثالث غير مشهور: ان الوصية تملك بالموت ويحكم بذلك قبل القبول لما ذكرنا ولنا انه تملك عين لمعين يفتقر إلى القبول فلم يسبق الملك القبول كسائر العقود ولان القبول من تمام السبب والحكم لا يتقدم سببه ولان القبول لا يخلو من أن يكون شرطا أو جزءا من السبب والحكم لا يتقدم سببه ولا شرطه، ولان الملك في الماضي لا يجوز تعليقه بشرط مستقبل، فإن قيل: فلو قال لامرأته أنت طالق قبل موتي بشهر ثم مات تبينا وقوع الطلاق قبل موته بشهر، قلنا ليس هذا شرطا في وقوع الطلاق، وإنما تبين به الوقت الذي يقع فيه الطلاق، ولو قال: إذا مت فأنت طالق قبله بشهر لم يصح،
(٤٤١)